المقام العاشر في ما هو الواجب في باب المقدّمة
يقع الكلام في أنّ الواجب بالوجوب المقدّمي هل هو خصوص ما قصد به التوصّل إلى ذي المقدّمة ، بحيث يكون هو الداعي إلى إتيانها سواء وصلت إليه أم لا ، أو خصوص ما اوصلت إليه سواء أتى بها بهذا الداعي أم لا ، أو خصوص ما قصد بها التوصّل وأوصلت ، أو أنّ الواجب هو ذات المقدّمة من دون اعتبار قيد من القيود؟
نسب الأوّل إلى الشيخ الأعظم قدسسره وذهب إلى الثاني صاحب الفصول ، كما أنّ المشهور ذهبوا إلى الاحتمال الأخير.
اعتبار قصد التوصّل
وقد عرفت أنّه منسوب إلى الشيخ وقد صرّح في الكفاية بذلك ، ولكنّه منظور فيه لأنّ ظاهر كلامه هو ما ذهب إليه المشهور من وجوب ذات المقدّمة بما هي مقدّمة حيث قال : على المحكيّ أنّ الحاكم بوجوب المقدّمة على القول به هو العقل وهو القاضي فيما وقع من الاختلافات ، ونحن بعد ما استقصينا التأمّل لا نرى للحكم بوجوب المقدّمة وجها إلّا من حيث إنّ عدمها يوجب عدم المطلوب. وهذه الحيثيّة هي التي يشترك فيها جميع المقدّمات ـ إلى أن قال ـ : فملاك الطلب الغيريّ في المقدّمة هذه الحيثيّة ، وهي ممّا يكفي في انتزاعها عن المقدّمة ملاحظة ذات المقدّمة (١).
ولذلك قال في نهاية الاصول : القول بكون الواجب عبارة عن المقدّمة المأتيّ بها بقصد التوصّل فقط وإن نسب إلى الشيخ ويوهّمه كلام مقرّر بحثه في بادئ النظر ،
__________________
(١) مطارح الأنظار : / ٧٢ ـ ٧٣.