باختياريّة ما أتى به من المقدّمات ، فقصد التوصّل غير دخيل في ملاك المقدّميّة وتعلّق الوجوب والإرادة ، كما لا دخالة لقصد التوصّل في اتّصاف المقدّمة بالوجوب. نعم ، له دخل في تحقّق امتثال أمر المقدّمة ، إذ الامتثال لا يمكن إلّا أن يكون الداعي إلى إيجاد الفعل هو الأمر ، ولمّا كان الأمر لا يدعو إلّا إلى متعلّقه والمفروض أنّه المقدّمة بالحيثيّة التقييديّة ، فامتثال الأمر بالمقدّمة يتوقّف على قصد عنوان المأمور به ، فقصد عنوان المأمور به متحيّثا بحيثيّة المقدّميّة لا ينفكّ عن القصد بالتوصّل إلى ذي المقدّمة.
ولكنّ الكلام في لزوم قصد امتثال أمر المقدّمة لأنّه لا ملزم له ، إذ لا دخل له في ملاك المقدّميّة قطعا ، بل لا فائدة له فيما إذا كان اللّازم هو الإتيان بالمقدّمة عبادة ، لما عرفت من أنّه لا إطاعة ولا مثوبة ولا قرب لامتثال أمر المقدّمة ، فلا تغفل.
ثمّ إنّ صاحب الوقاية حكى عن السيّد الأستاذ السيّد محمّد الأصفهانيّ أنّ القول بوجوب ذات المقدّمة من غير مدخليّة لقصد الإيصال فيه لا ينافي الالتزام به في بعض الموارد لجهة خارجيّة ، كما لو توقّف إنقاذ الغريق على التصرّف في الأرض المغصوبة ، فإنّه يختصّ جواز التصرّف فيها بما كان للإنقاذ بأنّ إذن الشارع في الغصب مع حرمته ذاتا لم يكن إلّا لأهمّيّة مصلحة الإنقاذ ، والإذن في المبغوض من الضرورات التي تقدّر بقدرها ، فيكفي الإذن في خصوص التصرّف بقصد الإنقاذ ولا يتجاوزه إلى غيره (١).
وحكى في المحاضرات أيضا عن المحقّق النائينيّ قدسسره أنّ مراد الشيخ قدسسره من اعتبار قصد التوصّل إنّما هو اعتباره في مقام المزاحمة ، كما إذا كانت المقدّمة محرّمة. ونقل قدسسره أنّ شيخه العلّامة السيّد محمّد الأصفهانيّ قدسسره كان جازما بأنّ مراد الشيخ من اعتبار قصد التوصّل هو ذلك ، ولكن كان شيخنا الأستاذ قدسسره متردّدا بأنّ هذا كان استنباطا منه أو أنّه حكاه عن استاذه السيّد الشيرازي قدسسره.
وكيف كان ، فحاصل هذا الوجه هو أنّه لو توقّف واجب نفسيّ كإنقاذ الغريق
__________________
(١) الوقاية : / ٢٥٥.