دون مدخليّة للقصد أو التوصّل ، ولذا صرّح بوقوع الفعل المقدّميّ على صفة الوجوب لا على حكمه السابق الثابت لو لا عروض صفة توقّف الواجب الفعليّ المنجّز عليه.
وذلك لما عرفت من أنّ الملاك ليس هو مجرّد التوقّف بل للتوصّل دخل وإن لم يكن لقصده مدخليّة ، فلا تغفل.
ولقد أفاد وأجاد في المحاضرات حيث قال : إنّ الواجب في المقام بما أنّه أهمّ من الحرام فبطبيعة الحال ترتفع حرمته ، فالسلوك في الأرض المغصوبة عندئذ إذا وقع في طريق الإنقاذ لا يكون محرّما بداهة أنّه لا يعقل بقاؤه على حرمته مع توقّف الواجب الأهمّ عليه ، ولا فرق في ارتفاع الحرمة عنه ـ أي عن خصوص هذه الحصّة من السلوك ـ بين أن يكون الآتي به قاصدا للتوصّل به إلى الواجب المذكور أم لا ؛ غاية الأمر إذا لم يكن قاصدا به التوصّل كان متجرّيا. وأمّا إذا لم يقع السلوك في طريق الإنقاذ فتبقى حرمته على حالها ضرورة أنّه لا موجب ولا مقتضي لارتفاعها أصلا ، فإنّ المقتضي لذلك إنّما هو توقّف الواجب الأهمّ عليه ، والمفروض أنّه ليس هذه الحصّة من السلوك ممّا يتوقّف عليه الواجب المزبور كي ترتفع حرمته (١).
فتحصّل أنّه لا دليل على اعتبار قصد التوصّل ولو في حال المزاحمة ، كما أنّه لا وقع للقول بأنّ المقدّمة الواجبة هي نفس المقدّمة التي بها يتمكّن من ذيها ، لأنّ تفسير المقدّمة الواجبة بذلك محلّ إشكال ونظر من وجوه ، أفادها استاذنا المحقّق الداماد قدسسره : أحدها : أنّه يصدق على أحد المتلازمين ، إذ لا يتمكّن من كلّ واحد إلّا بالآخر مع أنّه ليس واحد منهما مقدّمة للآخر.
وثانيها : أنّ الوجدان يشهد على أنّ المقدّمات لا تكون مرادة مطلقا ، ولو كانت منفكّة عن ذيها فكيف يكون ذلك مع أنّ غرض المولى من إرادة المقدّمات هو ترتّب ذيها.
وثالثها : أنّ العقلاء يحكمون باستحقاق من دخل في دار الغير عند غرق من وجب إنقاذه لداع التنزّه ، أو من شقّ بطن المريض بداع غير المعالجة للمذمّة ، والمذمّة
__________________
(١) المحاضرات : ٢ / ٤١٠.