لا تختصّ بترك الإنقاذ أو المعالجة ، بل من جهة الدخول في دار الغير أو شقّ بطن المريض أيضا ، وهو آية بقائهما على الحرمة عند انفكاكهما عن ذي المقدّمة.
اعتبار الإيصال
صرّح في الفصول بأنّ الواجب هو خصوص المقدّمة الموصلة ؛ بمعنى أنّ الإيصال قيد للواجب لا شرط للوجوب.
قال : تنبيهات :
الأوّل : قد ذكرنا أنّ وجوب مقدّمة الواجب غيريّ ، وبيّنّا أيضا أنّه يعتبر في اتّصاف الواجب الغيريّ بالوجوب كونه بحيث يترتّب عليه الغير الذي يجب عليه ، حتّى إنّه لو انفكّ عنه كشف عن عدم وقوعه على الوجه الذي يجب ، فلا يتّصف بالوجوب. ونقول هنا توضيحا لذلك وتأكيدا له : إنّ مقدّمة الواجب لا تتّصف بالوجوب والمطلوبيّة من حيث كونها مقدّمة إلّا إذا ترتّب عليها وجوب ذي المقدّمة ، لا بمعنى أنّ وجوبها مشروط بوجوده فيلزم أن لا يكون خطاب بالمقدّمة أصلا على تقدير عدمه فإنّ ذلك متّضح الفساد ، كيف وإطلاق وجوبها وعدمه عندنا تابع لإطلاق وجوبه وعدمه ، بل بمعنى أنّ وقوعها على الوجه المطلوب منوط بحصول الواجب ، حتّى إنّها إذا وقعت مجرّدة عنه تجرّدت عن وصف الوجوب والمطلوبيّة لعدم وجودها على الوجه المعتبر.
فالتوصّل بها إلى الواجب من قبيل شرط الوجود لها لا من قبيل شرط الوجوب ، وهذا عندي هو التحقيق الذي لا مزيد عليه وإن لم أقف على من يتفطّن له.
والذي يدلّ على ذلك أنّ وجوب المقدّمة لمّا كان من باب الملازمة العقليّة فالعقل لا يدلّ عليه زائدا على القدر المذكور.
وأيضا لا يأبى العقل أن يقول الآمر الحكيم : أريد الحجّ وأريد المسير الذي يتوصّل به إلى فعل الحجّ له ، دون ما لا يتوصّل به إليه ، وإن كان من شأنه أن يتوصّل به إليه ، بل الضرورة قاضية بجواز التصريح بمثل ذلك ، كما أنّها قاضية بقبح التصريح بعدم مطلوبيّتها له مطلقا أو على تقدير التوصّل بها إليه.