ويشهد على ما ذكره صاحب الفصول كما أفاد سيّدنا الاستاذ المحقّق الداماد قدسسره حكم العقلاء باستحقاق مذمّة من دخل في أرض مغصوبة لغير الإنقاذ مع وجوب الإنقاذ عليه ، وهكذا حكموا باستحقاق مذمّة طبيب جرّح المريض لا للعلاج ؛ بل لمشاهدة ما في أحشائه وغيرها. مع أنّ وظيفته هو علاجه ، وليس تلك المذمّة لمجرّد ترك الإنقاذ أو العلاج ، بل للدخول في الدار المغصوبة ولجرح المريض أيضا.
ومن المعلوم أنّ المقدّمة لو كانت من دون تقييد بالتوصّل مطلوبة لم يكن المذمّة المذكورة في محلّها لأنّها مع توقّف ذيها عليها غير محرّمة. نعم يمكن المذمّة باعتبار التجرّي بها ، والمفروض أنّ المذمّة على نفس المقدّمة ، وليس ذلك إلّا لبقائها على حكمها من الحرمة الفعليّة ، فليست المقدّمة إلّا المقدّمة الموصلة التي تكون واجدة لمناط المطلوبيّة ، فلا تغفل.
وإليه يؤول ما في المحاضرات حيث قال : إنّ قضيّة الارتكاز والوجدان تقتضي وجوب خصوص هذا القسم اللّازم لوجود الواجب في الخارج بداهة أنّ من اشتاق إلى شراء اللّحم مثلا فلا محالة يحصل له الشوق إلى صرف مال واقع في سلسلة مبادئ وجوده لا مطلقا.
ولذا لو فرض أنّ عبده صرف المال في جهة اخرى لا في طريق امتثال أمره بشراء اللّحم لم يعدّ ممتثلا للأمر الغيريّ ، بل يعاقبه على صرف المال في تلك الجهة ، إلّا إذا كان معتقدا بأنّ صرفه في هذا الطريق يؤدّي إلى امتثال الواجب في الخارج ، ولكنّه في الواقع غير مؤدّ إليه (١).
الاشكالات
أوردوا على صاحب الفصول إشكالات ثبوتا وإثباتا :
__________________
(١) المحاضرات : ٢ / ٤١٥.