ورابعا : أنّ الغاية في الأحكام العقليّة عنوان لموضوعاتها ، فهي المطلوبة بالحقيقة كما مرّ مرارا.
ومنها : ما في الكفاية من أنّ الإتيان بالمقدّمة بناء على وجوب الموصلة لا يوجب سقوط الطلب منها إلّا أن يترتّب الواجب عليها ، مع أنّ السقوط بالإتيان واضح ، فلا بدّ وأن يكون بالموافقة ؛ ومعها يستكشف عن أنّ الواجب هو مطلق المقدّمة ولو لم توصّل إلى ذيها (١).
أجاب عنه سيّدنا الإمام قدسسره بأنّ الأمر غير ساقط بعد فرض تعلّقه بالمقيّد ، وهو لا يتحقّق إلّا بقيده كما في المركّبات ، فإنّ التحقيق فيها أنّ الأمر بها لا يسقط إلّا بإتيان تمام المركّب وليس للأجزاء أمر أصلا ، فبناء على المقدّمة الموصلة ليست ذات المقدّمة متعلّقة للأمر بل للمتقيّدة أمر واحد لا يسقط إلّا بإتيان قيدها ، فدعوى وضوح سقوطه في غير محلّها (٢).
نعم ، كما أفاد استاذنا المحقّق الداماد قدسسره لا يجب الإتيان بما أتى ثانيا إذا انضمّ سائر المقدّمات لأنّ المأمور به ـ وهو المقدّمة الموصلة ـ يحصل بالانضمام ولا حاجة في امتثاله إلى التكرار ، فالمكلّف يتخيّر في إسقاط الأمر بين تتميم ما في يده بجعله موصلا وبين رفع اليد عنه والإتيان بفرد آخر موصل ، كما كان قبل الشروع مخيّرا في الإتيان بأيّ فرد شاء. اللهمّ إلّا إن اعتبرت الموالاة بين المقدّمات فعدم الإتيان ببقيّة المقدّمات يضرّ بما أتى ، ولكنّه لم يعهد ذلك في المقدّمات ، خلافا للأجزاء فإنّها ربّما اعتبرت على نحو يعتبر فيها الموالاة كأجزاء الصلاة ، فلا تغفل.
ومنها : ما نسب إلى درر الفوائد ونهاية الاصول من لزوم كون ذي المقدّمة مقدّمة لمقدّمته فيتعلّق به الوجوب الغيريّ ، بل وجوبات متعدّدة غيريّة بعدد المقدّمات.
__________________
(١) الكفاية : ١ / ١٨٦.
(٢) مناهج الوصول : ١ / ٣٩٦.