وفيه : أنّ الدخيل في المقدّمة ليس وجود ذي المقدّمة حتّى يلزم ذلك ، بل هو الإيصال ، وهو عنوان منتزع عن نفس المقدّمات عند بلوغها إلى حيث يمتنع انفكاكها عن ذيها.
وممّا ذكر يظهر ما في مناهج الوصول ، حيث إنّ ما ذكره في الجواب لا يغني مع أنّ وصف الإيصال لا يتوقّف على وجود ذي المقدّمة ، اللهمّ إلّا أن يكون مراده من توقّف وصف المقدّمة على وجود ذي المقدّمة هو توقّف كشفه عليه لا توقّف وجوده عليه.
ومنها : ما نسب إلى فوائد الاصول من لزوم الدور لأنّ وجود ذي المقدّمة يتوقّف على وجود المقدّمة ، وبناء على قيديّة الإيصال فوجود المقدّمة يصير متوقّفا على وجود صاحبها.
وفيه : أنّ توقّف وجود ذي المقدّمة على وجود المقدّمة واضح ، وأمّا توقّف وجود المقدّمة الموصوفة على وجود ذيها فممنوع بعد كون منشأ انتزاع الوصف هو نفس المقدّمات عند بلوغها إلى حيث يمتنع انفكاكها عن ذيها ، فإنّ المقدّمات البالغة إلى ذلك الحدّ متلازمة مع وجود ذيها وليست موقوفة على وجوده ، كما أنّ تماميّة أجزاء العلّة متلازمة مع وجود المعلول وليست متوقّفة على وجوده ، كما لا يخفى.
فالجواب عنه بتغاير الموقوف مع الموقوف عليه لأنّ وجود ذي المقدّمة يتوقّف على ذات المقدّمة لا بقيد الإيصال واتّصافها بالموصليّة يتوقّف على وجود ذي المقدّمة كما في مناهج الوصول (١).
منظور فيه لما عرفت من عدم توقّف الاتّصاف على وجود ذي المقدّمة ، فلا تغفل.
ومنها ما حكى عن المحقّق النائينيّ قدسسره من لزوم التسلسل ، حيث إنّ الواجب لو كان خصوص المقدّمة الموصلة فبطبيعة الحال كانت ذات المقدّمة من مقدّمات تحقّقها في
__________________
(١) مناهج الوصول : ١ / ٣٩٢.