الخارج نظرا إلى أنّ ذاتها مقوّمة لها ومقدّمة لوجودها ، فعندئذ إن كان الواجب هو ذات المقدّمة على الإطلاق لزم خلاف ما التزم به قدسسره من اختصاص الوجوب بالمقدّمة الموصلة ، وإن كان هو الذات المقيّدة بالإيصال اليها ننقل الكلام إلى ذات هذا المقيّد بالإيصال ، وهكذا ... فيذهب إلى ما لا نهاية له ؛ فالنتيجة أنّه لا يمكن القول بأنّ الواجب هو خصوص المقدّمة الموصلة.
اورد عليه في المحاضرات بأنّ ذات المقيّد وإن كانت مقوّمة له إلّا أنّ نسبته إليه ليست نسبة المقدّمة إلى ذيها. ننقل الكلام إليها ونقول إنّها واجبة مطلقا أو مقيّدة بالإيصال ، وحيث إنّ الأوّل خلاف الفرض ، فالثاني يستلزم الذهاب إلى ما لا نهاية له ، بل نسبته إليه نسبة الجزء إلى المركّب ، إذ على هذا القول تكون المقدّمة مركّبة من جزءين : أحدهما ذات المقيّد والآخر تقيّدها بقيد وهو وجود الواجب في الخارج. كما هو الحال في كلّ واجب مقيّد بقيد ، سواء كان وجوبه نفسيّا أم كان غيريّا.
وعلى هذا فلا يبقى موضوع للقول بأنّ ذات المقيّد هل هي واجبة مطلقا أو مقيّدة بالإيصال (١).
ولقد أفاد وأجاد وإن كان قوله «والآخر تقيّدها بقيد وهو وجود الواجب في الخارج» لا يخلو عن المسامحة ، لما عرفت من أنّ معنى تقييد المقدّمة بالإيصال ليس تقييدها بوجود ذي المقدّمة ، بل المراد تقييدها ببلوغها إلى حيث يمتنع انفكاكها عن وجود ذيها.
وكيف ما كان ، فالذات لا تكون مقدّمة للمقيّد حتّى يجيء فيها ما تقدّم ، وربّما يجاب عن التسلسل بأنّ الواجب هو المقدّمة الموصلة إلى ذي المقدّمة لا إلى المقدّمة ؛ فالذات لم تكن واجبة بقيد الإيصال إلى المقيّد ، بل واجبة بقيد الإيصال إلى ذي المقدّمة ، وهو
__________________
(١) المحاضرات : ٢ / ٤١٤.