الخلاصة :
أنّ التحقيق أنّ مفاد هيئة الأمر إيجاديّ لا حكائيّ فهي موضوعة لإنشاء البعث والإغراء نحو المأمور به والبعث والإغراء هو تحريك المطلوب منه نحو العمل المقصود وهو يوجد تارة بالتحريك الفعليّ الخارجيّ كأن يأخذ الطالب يد المطلوب منه ويسوقه نحو المطلوب ويوجد اخرى بالتحريك الإنشائيّ كقولك «افعل كذا» أو «آمرك بكذا».
والدليل على أنّ مفادها هو ذلك تبادر الفرق بين «اضرب وتضرب» إذ الأوّل لإيجاد البعث والثاني للحكاية ولذلك يتّصف الثاني بالصدق والكذب دون الأوّل لأنّهما من أوصاف الحكاية لا الإنشاء والإيجاد.
ثمّ لا يخفى عليك أنّه ليس المراد من الإيجاد إيجاد شيء في عالم التكوينيّ حتّى يقال إنّا لا نتصوّر له معنى بل المراد هو إيجاد بعث اعتباريّ في دائرة المولويّة والعبوديّة وهو بمكان من الإمكان فإنّه يقوم مكان البعث الخارجيّ بالجوارح من اليد أو الرجل وله نظائر في مثل حروف النداء والتحضيض والتوبيخ وإنشاء العقود والمناصب ونحوها فإنّها موجدات بنحو من الإيجاد لا حكائيّات ولذلك لا يتفحّص العقلاء في مثل هذه الامور عن الصدق والكذب بل يتفحّصون عن الإرادة الجدّيّة ثمّ إنّ دلالة الإنشاءات على الإرادة الجدّيّة تكون بدلالة الاقتضاء من باب أنّ هذه الأفعال لا تصدر عن الحكيم من دون إرادة جدّيّة لا بالدلالة اللفظيّة حتّى تكون بالنسبة إليها حاكية ولذا يقال إنّ الأصل في الأفعال الصادرة عن الحكيم هو حملها على الجدّ حتّى يظهر خلافه فالإرادة خارجة عن مدلول الصيغة ومفادها وإنّما تستفاد من بناء العقلاء على حمل أفعال الحكيم على الجدّ.
وينقدح ممّا ذكر أنّ إرادة البعث كسائر الدواعي من التهديد والإنذار والاستهزاء تكون خارجة عن مدلول الصيغة ومفادها لأنّها موضوعة لإيجاد البعث