وتحريك الرأس واليد إذ البعث الصادر عن المولى موضوع لحكم العقلاء بلزوم إتيانه وإن لم يكن مقارنا له ويكشف عن ذلك عدم تقبيح العقلاء عتاب المولى لعبده عند تركه الامتثال للبعث الإنشائيّ الغير المقترن بالمقارنات الشديدة كما في نهاية الاصول. (١)
ويشهد له خلوّ كثير من الأوامر في الكتاب والسنّة والمحاورات العرفيّة عن الاقتران المذكور ومع ذلك لا وجه للتوقّف في الحكم بتماميّة الحجّة على لزوم الإتيان بها.
ثمّ إنّ استعمال الصيغة لإفادة الاستحباب يكون على نحو استعمالها لإفادة الوجوب وإنّما الاختلاف في الدواعي فإنّ الداعي في الوجوب هو الإرادة الحتميّة لإتيان المأمور به بخلاف الداعي في المستحبّات فإنّ الإرادة فيها ليست بحتميّة فإذا لم يقترن بالبعث ما يدلّ على عدم حتميّة الإرادة يكون بعث المولى عند العقلاء حجّة على الإرادة الحتميّة وهو الموضوع لحكمهم بالوجوب فالمستعمل فيه في الوجوب والندب واحد وهو إنشاء البعث وإنّما يكون الاختلاف في الدواعي ويشهد لذلك جمع الواجبات والمندوبات بصيغة واحدة في الأحاديث والأخبار مع أنّه لو كانت الصيغة في الوجوب والندب مختلفة المعنى لزم استعمال اللفظ الواحد في الأكثر من معناه أو احتاج إلى تأويل الصيغة إلى معنى يصحّ أن يكون جامعا لهما وكلاهما كما ترى لعدم الاختلاف في معنى الصيغة في الوجوب والندب كما لا حاجة إلى تأويلها إلى معنى يكون جامعا بينهما.
وممّا ذكر يظهر ما في نهاية الاصول حيث ذهب إلى أنّ الصيغ المستعملة في الاستحباب لا تكون مستعملة في الطلب البعثيّ ولا تتضمّن البعث والتحريك وإنّما
__________________
(١) نهاية الاصول ١ / ٩١.