تستعمل بداعي الإرشاد إلى وجود المصلحة الراجحة في الفعل ثمّ استجود كلام صاحب القوانين حيث قال : إنّ الأوامر الندبيّة كلّها للإرشاد وقال هو كلام جيّد وقال : إنّ الطلب البعثيّ معنى لا يلائمه الإذن في الترك بل ينافيه لوضوح عدم إمكان اجتماع البعث والتحريك نحو العمل مع الإذن في الترك المساوق لعدم البعث. (١)
وذلك لما عرفت من أنّ الاختلاف في الدواعي لا في مفاد هيئة «افعل» إذ الهيئة لإنشاء البعث في الواجب والمستحبّ ومعنى البعث في الوجوب والاستحباب واحد.
ولا إشكال في التحريك نحو العمل مع الإذن في الترك كما ربما يتّفق في التحريك الخارجيّ نحو المطلوب كذلك.
وعليه فلو قيل : «اغسل للجمعة والجنابة» كان الأمر بهما بعثا إليهما ومقتضاه هو لزوم الإتيان بهما ومع قيام القرينة على الترخيص في ترك الجمعة يرفع اليد عن حمله على الإرادة الحتميّة في خصوصها وذلك لا ينافي اقتضاء البعث للزوم الإتيان في الجنابة.
ولذلك قال استاذنا المحقّق الداماد قدسسره : لا وقع لوحدة السياق المدّعاة في أمثال : اغسل للجمعة والجنابة لأنّ المستعمل فيه هو البعث وهو واحد والندبيّة مستفادة من الخارج فيما إذا قامت قرينة عليها ولعلّه لذلك لم يستند القدماء قدسسره إلى وحدة السياق فحينئذ لو اختلط المستحبّات مع الواجبات في الأخبار لا يوجب ذلك إبهاما فيما لم يعلم وجوبه إذ مقتضى البعث هو وجوبه بخلاف ما إذا قلنا إنّه لإنشاء الطلب بما هو الطلب فمع عطف المستحبّات يعلم استعمال الأمر في الجهة الجامعة أعني مطلق الطلب والرجحان فيصير الدليل فيما لا يعلم وجوبه من الخارج مجملا ومبهما فلا تغفل.
__________________
(١) نفس المصدر ١ / ٩٢.