وأيضا مقتضى ما ذكرناه من أنّه للبعث وهو بسيط أنّ الصيغة لا يستعمل في الندب أصلا إذ المستعمل فيه في جميع الموارد واحد وهو البعث وإنّما الاختلاف في الدواعي نعم بناء على كون الصيغة موضوعة لإنشاء الطلب الوجوبيّ كان استعمالها في الندب مجازا وهكذا لو كانت موضوعة للإرادة الشديدة أو الحتميّة كان استعمالها في غير الشديدة والحتميّة مجازا. ولكن عرفت أنّ مقتضى التبادر هو أنّ الصيغة موضوعة للبعث لا غير.
في أنّ الوجوب ليس مستفادا من مقدّمات الحكمة :
ربّما يقال إنّ الوجوب من مقتضيات مقدّمات الحكمة فإنّ الندب كأنّه يحتاج إلى مئونة بيان التحديد والتقييد بعدم المنع من الترك بخلاف الوجوب فإنّه لا تحديد فيه للطلب ولا تقييد. فإطلاق اللفظ وعدم تقييده مع كون المتكلّم في مقام البيان يكفي في بيان الوجوب كما ذهب إليه في الكفاية بعد التنازل عن كون الصيغة حقيقة في الوجوب في المبحث الرابع.
أورد عليه سيّدنا الاستاذ المحقّق الداماد قدسسره أوّلا : بأنّ إجراء المقدّمات لتعيين الوجوب لا يصحّ إلّا إذا كان المراد من الوجوب هو الإرادة فإنّها ذو مراتب فيمكن دعوى إجراء المقدّمات لتعيين شدّتها ولكن مدلول الصيغة عند صاحب الكفاية ومن تبعه ليس إلّا أمرا إنشائيّا والأمر الإنشائيّ ليس ذا مراتب والإرادة النفسانيّة من الدواعي.
وثانيا : أنّ المفاهيم المشكّكة نحو مفهوم الأسود أو الأبيض لا يحمل على شديد مرتبتها وإلّا لزم حمل كلّ مطلق على أكمل أفرادها فلو سلّمنا أنّ المستعمل فيه لصيغة الأمر مفهوم ذو مراتب فلا نسلّم أنّ مقتضى المقدّمات هو الوجوب وإلّا لزم حمله على أعلى مراتب الوجوب في الشدّة والتأكّد فيكون الثابت بإطلاق الصيغة أهمّ ما يتصوّر من الوجوب وهو كما ترى وعليه فبناء على مختار صاحب الكفاية من كون الصيغة