المتبادر منه هو البعث على سبيل الإلزام والحتم ولذا اخترنا هناك أنّ لفظ الأمر حقيقة في الوجوب.
قال في تهذيب الاصول : المتفاهم من الهيئة لدى العرف هو البعث والإغراء كإشارة المشير لإغراء لا البعث الخاصّ الناشئ عن الإرادة الحتميّة. انتهى
وعليه فلا وجه لدعوى أنّ الوجوب يستفاد من حاقّ هيئة «افعل».
ليست الصيغة منصرفة إلى الوجوب :
وذلك لما عرفت من أنّ المتبادر من الهيئة ليس إلّا البعث والإغراء من دون تقييد بالإلزام أو الإرادة الحتميّة فمع التبادر المذكور لا مجال لدعوى الانصراف.
هذا مضافا إلى أنّ دعوى الانصراف تصحّ فيما إذا كان مفاد الصيغة مطلقا بحيث يكون له أفراد فيدّعى انصرافه إلى بعض أفرادها لا فيما إذا كان المفاد من الامور المشخّصة الجزئيّة كالمعاني الحرفيّة فافهم.
قال في تهذيب الاصول : وأمّا القول بكون الوجوب مستفادا من انصرافه إلى البعث المنشأ من الإرادة الحتميّة فممّا لا ينبغي الإصغاء إليه إذ المنشأ الوحيد لذلك هو كثرة استعماله فيه بحيث يوجب استيناس الذهن ويندكّ الطرف الآخر لديه ويحسب من النوادر التي لا يعتني به العقلاء إلّا أنّ وجدانك شاهد صدق على أنّ الاستعمال في خلاف الوجوب لا يقصر عنه لو لم يكن أكثر. (١)
ويمكن أن يقال : إنّ الاستعمال في خلاف الوجوب مع القرينة لا ينافي انصرافه إلى الوجوب بكثرة استعماله في الوجوب فالأولى أن يستدلّ لنفي الانصراف بما ذكرناه.
فتحصّل أنّ الوجوب أمر انتزاعيّ من البعث من المولى بعد كونه موضوعا تامّا
__________________
(١) تهذيب الاصول ١ / ١٤١.