الجود وكثرة الرماد فإنّها موجودة قبل العلم وسابقة عليه.
وعليه فإن كان الملازمة متحقّقة بين الوقوع وإرادة المولى لأمكن قياسه بالكنايات فإنّه أخبر عن الوقوع لينتقل إلى إرادة المولى كما أخبر عن كثرة الرماد لينتقل منها إلى الجود وكثرة العطاء ولكنّ الأمر ليس كذلك لما عرفت من أنّ الملازمة بين الوقوع عن العبد المنقاد والعلم بإرادة المولى لا نفس الإرادة حتّى يجوز الانتقال من الإخبار على الوقوع إلى إرادة المولى.
اللهمّ إلّا أن يقال إنّ المقصود من تنظير المقام بباب الكنايات هو أنّ المقصود الأصليّ ليس هو الإخبار كما أنّ المقصود الأصليّ في قولنا : زيد كثير الرماد ليس هو الإخبار بل المقصود هو وجود إرادة المولى لا من جهة دعوى الملازمة بين الوقوع والإرادة وكون المقام من الكنايات بل من جهة حكم العقل من جهة أنّ الإخبار بقوله : «يعيد» عن وقوع الإعادة عن العبد المنقاد مع عدم كونه في مقام الإخبار عن الغيب يدلّ على أنّ مقصود المولى من ذلك الإخبار هو بيان أنّه مريد لهذا الوقوع كما يحكم أيضا بذلك إذا جعل المولى شيئا من الثواب على شيء فإنّه شاهد على إرادته لذلك.
وعليه فإذا لم يكن المقصود الأصليّ هو الإخبار فلا مجال لملاحظة الصدق والكذب بالنسبة إلى النسبة الحكميّة في «يعيد» أو في قولنا : «زيد كثير الرماد» لأنّ النسب المذكورة جيء بها توطئة لإفادة أمر آخر فلا وجه لإيراد استلزام الكذب لو اريد من قولهم : «يعيد» ونحوه الجمل المستعملة في معناها لأنّ النسبة في قولهم «يعيد» جيء بها توطئة لإفادة إرادة البعث.
ولذا قال في الدرر : إنّ الصدق والكذب يلاحظان بالنسبة إلى النسبة الحكميّة المقصودة بالأصالة دون النسبة التي جيء بها توطئة لإفادة أمر آخر ولذا لا يسند الكذب إلى القائل بأنّ زيدا كثير الرماد توطئة لإفادة جوده وإن لم يكن له رماد أو