للجمعة والجنابة أو ما شاكل ذلك على الأوّل ليس إلّا الطلب والوجوب كما أنّ المستفاد منها على الثاني ليس إلّا ثبوت النسبة في الواقع أو نفيها فإذن كيف يمكن القول بأنّها تستعمل في كلا المقامين في معنى واحد. (١)
وممّا ذكر يظهر ما في نهاية الأفكار حيث ادّعى الوجدان على أنّه لا عناية في استعمال الجمل الخبريّة حين دلالتها على الطلب وأنّه لا فرق بين نحو استعمالها حين الإخبار بها ونحو استعمالها حين إفادة الطلب. (٢)
لما عرفت من أنّ المتفاهم العرفيّ هو كونها مستعملة للإيجاد والإنشاء ودعوى الوجدان على عدم العناية لا يصدقها الوجدان فالجمل الخبريّة المستعملة في مقام الطلب محتاجة إلى عناية وتكون مجازا.
وعلى ما ذكرنا من إنشاء الترخيص والتجويز بالجملة الخبريّة لا حاجة إلى تكلّف ومئونة زائدة. فقوله عليهالسلام «يتكلّم» في مقام توهّم الحذر لإنشاء تجويز التكلّم لا للإخبار عن التكلّم.
ثمّ إنّ نفس البعث بالجملة الخبريّة كالبعث بالصيغة حجّة عقلائيّة على لزوم الإتيان بالعمل فينتزع عنه الوجوب من دون فرق بينهما فالوجوب في الجملة الخبريّة كالوجوب في صيغة «افعل» أمر انتزاعيّ بعد تحقّق البعث وحكم العقلاء بكونه حجّة على لزوم الإتيان فلا تصل النوبة بكونه مدلولا للجملة كما لا حاجة أيضا إلى مقدّمات الحكمة ولا إلى دعوى الانصراف كما مرّ في صيغة «افعل» حرفا بحرف.
ثمّ ينقدح ممّا مرّ ـ سابقا من أنّه لا دليل على لزوم استعمال كلّ مجاز في ما وضع له وجعله عبرة إلى المقصود المجازيّ بل ربما لا يمكن كما في استعمال اللفظ في اللفظ ـ ما
__________________
(١) المحاضرات ٢ / ١٣٦.
(٢) نهاية الأفكار ١ / ٢١٥.