كان هو الإرادة باعتبار كونها مبدأ للبعث ففيه أنّها قائمة بالنفس قيام المعلول بعلّته ولها إضافتان إضافة إلى علّته أي النفس وإضافة إلى المتصوّر أعني الصورة العلميّة للمراد فهي كإضافة العلم إلى المعلوم بالذات في كلتا الإضافتين. وإن كان المراد هو الوجوب والندب وغيرهما فهي امور اعتباريّة لا خارج لها وراء الاعتبار حتّى تكون قائمة بالموضوعات أو المتعلّقات. (١)
لمّا عرفت من أنّ قياس الحكم بالعلم ليس في محلّه فإنّ العلم عين المعلوم والمعلوم عين العلم هذا بخلاف الحكم والموضوع فإنّهما متغايران ذاتا لأنّ الموضوع أمر ذهنيّ وراء الإرادة المتعلّقة به وتعلّق الإرادة بالموضوع متأخّر عن تصوّر الموضوع.
هذا مضافا إلى أنّ الوجوب والندب وغيرهما من الامور الانتزاعيّة التي تفترق عن الاعتباريّة بلزوم وجود منشأ الانتزاع في الخارج ولو كان هو الوجود الذهنيّ.
وعليه فاللازم في تعلّق الحكم هو تقدّم الموضوع ذهنا بناء على أنّ المراد من الحكم هو الإرادة والشوق كما أنّ انتزاع الوجوب أو الندب متوقّف على تقدّم البعث من المولى مع عدم اقترانه بالقرينة الدالّة على الندب في الوجوب واقترانه بالقرينة المذكورة في الندب. نعم يكفي فيه التقدّم الذهنيّ كما لا يخفى.
فالاولى في الجواب هو ما ذهب إليه السيّد الاستاذ من أنّ تقدّم الموضوع ذهنا لا يوجب الدور لأنّ المتوقّف عليه الأمر هو الموضوع الذهنيّ والمتوقّف على الأمر هو الموضوع الخارجيّ فالمتوقّف عليه الأمر والمتوقّف على الأمر متغايران فلا يلزم الدور.
ومنها : ما ذهب إليه صاحب الوقاية من استحالة أخذ الأمر وكلّ ما ينشأ من
__________________
(١) تهذيب الاصول ١ / ١٤٨.