وفيه كما في تهذيب الاصول أنّ اللحاظين المتنافيين لم يجتمعا في وقت واحد إذ اللحاظ الاستقلاليّ مقدّم على الآليّ منهما لما عرفت من أنّ الموضوع بتمام قيوده ومنها قصد الأمر على المفروض مقدّم تصوّرا على الأمر والبعث فاللحاظ الاستقلاليّ المتعلّق بالموضوع في ظرف التصوّر وقيوده متقدّم على الإنشاء وعلى الاستعمال الآليّ. (١)
ومنها : أنّ فعليّة الحكم متوقّفة على فعليّة موضوعه فإذا كان الحكم نفس موضوعه أو جزء منه لزم توقّف فعليّة الشيء على فعليّة نفسه.
وفيه كما في بدائع الأفكار أنّا لا نسلّم أنّ فعليّة الحكم متوقّفة على فعليّة وجود موضوعه خارجا بل فعليّة متوقّفة على فعليّة فرض وجود موضوعه وتقديره في الذهن فالحكم يكون فعليّا بنفس إنشائه وجعله لموضوعه المفروض في مقام التشريع وإن لم يكن وجوده خارجا فعليّا. (٢)
هذا مضافا إلى ما في تهذيب الاصول من أنّ فعليّة التكليف لا تتوقّف على فعليّة الموضوع توقّف المعلول على علّته بل لا بدّ في حال فعليّة الحكم من فعليّة الموضوع ولو صار فعليّا بنفس فعليّة الحكم لأنّ الممتنع هو التكليف الفعليّ بشيء لم يكن متحقّقا بالفعل وأمّا التكليف الفعليّ بشيء يصير فعليّا بنفس فعليّة الحكم لم يقم دليل على امتناعه بل الضرورة قاضية بجوازه. (٣)
وحاصله : أنّ مع عدم كون التوقّف توقّفا علّيّا ومعلوليّا لا يلزم الدور وإن لم يتحقّق فعليّة الحكم بدون فعليّة الموضوع بل لا بدّ من المقارنة بينهما ولا محذور في
__________________
(١) تهذيب الاصول ١ / ١٥٠.
(٢) بدائع الأفكار ١ / ٢٢٤.
(٣) تهذيب الاصول ١ / ١٥٢.