الانحراف عن القبلة ثمّ حضر وقت الصلاة فلا إشكال في كونه مكلّفا بإتيان سائر أجزاء وشرائط الصلاة مع قصد القربة مع أنّ بقاء الأمر المتعلّق بالمركّب مع وجود بعضها كالاستقبال المذكور لا معنى له فالتكليف بالأجزاء والشرائط الباقية ليس إلّا من جهة وجود الأوامر الضمنيّة وكفايتها لقصد القربة فافهم.
وثالثا كما في تهذيب الاصول أنّ الجواب عنه يظهر بتوضيح أمرين :
الأوّل : أنّ متعلّقات الأوامر ليست إلّا الماهيات المعقولة لا أقول إنّ المأمور به إنّما هي الصلاة في الذهن حتّى يصير امتثاله محالا بل طبيعة الصلاة بما أنّها ماهيّة كلّيّة قابلة للانطباق على كثيرين والوجود الذهنيّ آلة تصوّرها فالبعث إليها في الحقيقة أمر بإيجادها وتحصيلها فهي بما أنّها مفهوم مأمور به ومعروض للوجوب ومتعلّق للحكم على تسامح في إطلاق العرض عليه والوجود الخارجيّ مصداق للمأمور به لا نفس الواجب ولذلك يكون الخارج ظرف السقوط دون الثبوت وعليه فالموضوع في المقام ليس إلّا الصلاة المتصوّرة مع قصد أمرها والإنشاء والأمر إنشاء على ذلك المقيّد.
الثاني : أنّ الأمر ليس إلّا المحرّك والباعث الإيقاعيّ لا المحرّك الحقيقيّ والباعث التكوينيّ ولهذا ليس شأنه إلّا تعيين موضوع الطاعة من غير أن يكون له تأثير في بعث المكلّف تكوينا وإلّا لوجب اتّفاق الأفراد في الإطاعة بل المحرّك والداعي حقيقة ليست إلّا بعض المبادئ الموجودة في نفس المكلّف كمعرفته لمقام ربّه ودرك عظمته وجلاله وكبريائه أو الخوف من سلاسله وناره أو الطمع في رضوانه وجنّته فحينئذ نقول :
إن أراد القائل من كون الأمر محرّكا إلى محرّكيّة نفسه أنّ الأمر الإنشائيّ المتعلّق بالعنوان المقيّد موجب لذلك المحال فقد عرفت أنّ الإنشاء والإيقاع لا يحتاج إلى مئونة أزيد من تصوّر الطرفين مع أنّه قد أقرّ بصحّة ذلك الإيقاع وإن أراد أنّ الأمر المحرّك للمكلّف تكوينا محرّك إلى محرّكيّة نفسه فهو باطل بحكم الأمر الثاني وإنّ نسبة