الفصل الثامن : في أنّه بعد نسخ الوجوب هل يبقى
الرجحان أو الجواز بالمعنى الأخصّ أو الأعمّ أو لا؟
ذهب في الكفاية إلى أنّه لا دلالة لدليل الناسخ ولا المنسوخ على ذلك ، كما لا دلالة لهما على ثبوت الحرمة ، فإنّه بعد رفع الوجوب يمكن ثبوت كلّ واحد من الأحكام الأربعة من المستحبّ والمكروه والإباحة والحرمة ولا دلالة لواحد من دليلي الناسخ والمنسوخ بإحدى الدلالات على تعيين واحد منها ، فلا بدّ للتعيين من دليل آخر.
وحيث كان كلّ واحد من الأحكام مع الآخر من المباينات والمتضادّات العرفيّة ، فلا مجال لاستصحاب الجواز بالمعنى الاستحباب بعد رفع الوجوب لأنّهما متباينان عرفا فلا مجال للاستصحاب إذا شكّ في تبدّل أحدهما بالآخر ، فإنّ حكم العرف ونظره يكون متّبعا في هذا الباب ، انتهى مع تلخيص (١). بل ذهب في مناهج الوصول إلى عدم جريان الاستصحاب في الجواز الجامع بين الوجوب والجواز بالمعنى الأخصّ والاستحباب لعدم كون الجواز المذكور مجعولا وحكما شرعيّا ، إذ الجعل تعلّق بكلّ واحد منها ، والعقل ينتزع من الجعل المتعلّق بها الجواز بالمعنى الأعمّ ، وهذا
__________________
(١) الكفاية : ج ١ ص ٢٢٤.