النهي عن الترك والحرمة ، أو بدعوى أنّ إرادة تشريعيّة بشيء كعدم الضدّ التي عبّر عنها بالوجوب مستلزمة لكراهة فعل الضدّ مع الالتفات إليه.
هذا غاية ما يمكن في تقريب الاستدلال ، ولكن اورد على المقدّمة الاولى إشكالات :
منها ما ذكر سيّدنا الاستاذ المحقّق الداماد قدسسره من أنّ عدم المانع أمر عدميّ لا يمكن أن يكون مؤثّرا في شيء ، إذ لا حظّ له من الوجود حتّى به يؤثّر ، فلا يمكن أن يكون العدم من مقدّمات وجود الضدّ الآخر ، إذ لا يكون العدم منشأ للأثر والمقدّمة الوجوديّة مؤثّرة في وجود ذيها. وعليه ، فلا يكون عدم الضدّ واجبا بالوجوب المقدّميّ حتّى يكون نفس الضدّ محرّما.
ومما ذكر يظهر أنّ عدّ عدم المانع من أجزاء العلّة مسامحة جدّا ، إذ العدم لا يؤثّر في شيء ، بل معناه يؤول إلى أنّ مقتضى وجود المانع يزاحم تأثير مقتضى الوجود في الضدّ الآخر ، مثل الرطوبة تزاحم تأثير مقتضى الإحراق وهو النار. وعليه ، يكون التزاحم في الواقع بين المقتضيين كتزاحم الرطوبة مع تزاحم النار.
وما قرع سمعك من أنّ تأثير المقتضى يتوقّف على عدم المانع ، ليس معناه أنّ عدم المانع مؤثّر ، بل معناه أنّ مع وجود مقتضي وجود المانع وغلبته لا يؤثّر مقتضي الوجود في الضدّ الآخر ، فعبّروا عن مزاحمة المقتضيات والتمانع بين الوجودات بأنّ عدم المانع من أجزاء العلّة ، فالعدم لا يتّصف بالجزئيّة ولا يصير علّة ولا جزءها ، كما لا يخفى.
ولقد أفاد وأجاد سيّدنا الإمام المجاهد قدسسره حيث قال : إنّ التوقّف مطلقا باطل فيهما ، لأنّ العدم ليس بشيء بل باطل محض ، فلا يمكن أن يكون دخيلا في تحقّق شيء أو متأثّرا من شيء ، فما لا شيئيّة له يسلب عنه بالسلب التحصيليّ جميع الامور الثبوتيّة ، ولا شكّ في أنّ التوقّف من طرف الموقوف والموقوف عليه ثبوتيّ ، وثبوته له