الخلاصة :
الفصل الثامن
في أنّه هل يدلّ دليل الناسخ أو المنسوخ بعد نسخ الوجوب على الرجحان أو الجواز بالمعنى الأخصّ أو الأعمّ أو لا يدلّ.
والذي ينبغي أن يقال إنّه إن كان مفاد النسخ هو رفع البعث الصادر من المولى فلا دلالة للناسخ ولا للمنسوخ على ذلك كما ذهب إليه صاحب الكفاية فإنّ بعد رفع البعث يمكن ثبوت كلّ واحد من الأحكام الأربعة من المستحبّ والمكروه والإباحة والحرمة ولا دلالة لواحد من دليلي الناسخ والمنسوخ بإحدى الدلالات على تعيين واحد منها.
وأمّا إن كان مفاد النسخ هو رفع الإلزام بالترخيص في الترك مع بقاء البعث على حاله فلا إشكال في كون البحث الباقي مع الترخيص في الترك موضوعا لحكم العقلاء بالاستحباب كما أنّ البحث مع عدم الترخيص موضوع لحكم العقلاء بالوجوب لما مرّ في محلّه من أنّ الوجوب والاستحباب ليسا داخلين في مدلولي هيئة افعل بل هما أمران انتزاعيان من البحث مع عدم الترخيص والبحث مع الترخيص.
وعليه فالمتبع هو لسان دليل الناسخ فإن كان هو رفع أصل البحث فلا دلالة على الرجحان والجواز وإن كان رفع الإلزام والوجوب بالترخيص في الترك فيحكم بالاستحباب بعد رفع الإلزام والوجوب وبقاء البحث بالترقيب الذي ذكرناه.
وهكذا الأمر في طرف المحرّمات فإنّ مفاد الناسخ إن كان رفع الزجر فلا دلالة لدليل الناسخ كالمنسوخ على أنّ الباقي هو المكروه أو غيره من الأحكام وإن كان مفاد الناسخ هو الترخيص في الفعل مع بقاء الزجر عن الفعل فهو موضوع لحكم العقلاء