الفصل التاسع : في تصوير الوجوب التخييريّ ؛
ويقع الكلام في مقامين :
المقام الأوّل في تصوير الوجوب التخييريّ في المتباينات ، وهنا وجوه : منها ما يظهر من الكفاية حيث قال ـ فيما إذا كان الغرض من الأمر بأحد الشيئين واحدا يقوم به كلّ واحد منهما ، بحيث إذا أتى بأحدهما حصل به تمام الغرض ولذا يسقط به الأمر ـ هو أنّ الواجب في الحقيقة هو الجامع بينهما ، وكان التخيير بينهما بحسب الواقع عقليّا لا شرعيّا ، واستدلّ له بقاعدة أنّ الواحد لا يكاد يصدر من اثنين بما هما اثنان ما لم يكن بينهما جامع في البين ، لاعتبار نحو من السنخيّة بين العلّة والمعلول ؛ وعليه فجعلهما متعلّقين للخطاب الشرعيّ لبيان أنّ الواجب هو الجامع بين هذين الاثنين (١).
ومحصّله كما أفاد استاذنا الأراكي قدسسره أنّ التخيير الشرعيّ راجع إلى التخيير العقليّ وأنّه متعلّق بالجامع بين المتباينين أو المتباينات ، فهو في الحقيقة وجوب واحد تعيّنيّ يتعلّق بموضوع واحد ، والفرق بينه وبين التعيّنيّ المصطلح أنّ الأفراد هناك واضحة عندنا وهنا يحتاج إلى بيانها من الشرع ؛ فالأمر المتعلّق بالأفراد إرشاديّ مسوق لبيانها ، والملزم أمر آخر متعلّق بالجامع مكشوف بهذا الأمر ، وذلك لضرورة
__________________
(١) الكفاية : ج ١ ص ٢٢٥.