الفصل الحادي عشر : في الموسّع والمضيّق
ولا يخفى عليك أنّ الواجب إمّا مطلق وإمّا موقّت ، والأوّل هو الذي لا يعتبر فيه الزمان شرعا ولا ينافي ذلك احتياج الفعل إلى الزمان عقلا لكونه زمانيّا ، والثاني هو الذي اعتبر فيه الزمان شرعا من جهة دخالته في الغرض الشرعيّ.
ثمّ إنّ الثاني ينقسم إلى قسمين : مضيّق وموسّع ؛ فإن كان الزمان المأخوذ فيه بقدر فعل الواجب فهو مضيّق كالصوم ، وإن كان الزمان المأخوذ فيه أوسع من فعل الواجب فهو موسّع كالصلوات اليوميّة.
ثمّ إنّ الواجب في الموسّع هو إيجاد الطبيعة الصلاتيّة الكلّيّة المقيّدة بوقوعها بين الحدّين ، ومن المعلوم أنّ لهذا الواجب أفرادا دفعيّة وأفرادا تدريجيّة ، ويكون التخيير بين أفرادها التدريجيّة تخييرا عقليّا كالتخيير بين أفرادها الدفعيّة بناء على عدم سراية الحكم من الطبيعة إلى الأفراد ، وأمّا بناء على السراية فقد ذهب بعض المحقّقين إلى التخيير الشرعيّ مستدلّا بأنّ الحصص عين الطبيعة الكلّيّة.
ومعه لا وجه لدعوى خروجها عن المطلوبيّة الشرعيّة ، وخروج الخصوصيّات الحافّة بالحصص عن الغرض الشرعيّ لا يلازم خروج نفس الحصص عن المطلوبيّة الشرعيّة ، والغرض الشرعيّ مع عينيّتها مع الطبيعة. وممّا ذكر يظهر ما في نفي التخيير الشرعيّ معلّلا بأنّ ما هو دخيل في تحصيل الغرض في الموسّع هو حصول الطبيعة بين المبدأ والمنتهى ، فلا بدّ وأن يتعلّق الأمر بما هو محصّل للغرض ولا يجوز تعلّقه بالزائد ،