التنزيليّ (١).
ففيه أنّ التركّب المذكور يناسب الزجر والانزجار والردع والارتداع أيضا فلا يكون قرينة على كون مفاد النهي هو الإعدام التسبيبيّ ، فتحصّل أنّ مفاد النهي هو الزجر لا طلب الترك والإعدام التسبيبيّ ، وعليه يسقط النزاع في أنّ متعلّق الطلب في النهي هو الكفّ أو نفس أن لا تفعل لما عرفت من أنّ النهي هو الزجر عن الوجود لا طلب الترك.
ولكن وقع صاحب الكفاية في هذا البحث من جهة اختياره مذهب المشهور في مفاد النهي واختار أنّ متعلّق الطلب هو الترك بدعوى الاستظهار ولعلّه من جهة التبادر.
هذا مضافا إلى ما اشير إليه في بعض التعاليق من أنّ اللازم بناء على كون المتعلّق هو الكفّ هو عدم إمكان الامتثال فيما إذا لم يكن للمخاطب ميل له بحسب طبعه فيكون مثل هذا خارجا عن مورد الخطابات وهو كما ترى.
اورد عليه بأنّ الترك والعدم غير اختياريّ ، والتكليف لا يتعلّق بغير الاختياريّ لانتفاء القدرة بالنسبة إلى العدم لأنّ العدم نفي محض فلا يصلح لأن يكون مورد أثر القدرة ، والإرادة والقدرة تؤثّران في الفعل لا في العدم بل العدم لا يحتاج إلى العلّة لأنّ العدم عدم بعدم علّته فلا حاجة إلى إعمال القدرة وإرادة العدم.
أجاب عنه في الكفاية بأنّ الترك أيضا يكون مقدورا وإلّا لما كان الفعل مقدورا وصادرا بالإرادة والاختيار فإنّ معنى كون شيء مقدورا هو كون كلّ من وجوده وعدمه تحت الاختيار ، فالقدرة على الفعل تكفي في صحة إضافة القدرة إلى تركه ، وعليه فيصحّ أن يقال مقدوريّة الترك ومراديّته تابعة لمقدوريّة الفعل ومراديّته ، هذا
__________________
(١) نهاية الدراية : ج ٢ ص ٨٠.