مضافا إلى ما أفاده استاذنا العراقيّ قدسسره من أنّ الأعدام مقدورة بالواسطة إذ يمكننا عدم كلّ منها بإعمال القدرة في ضدّه ، ولذا يحكم العرف بوجود القدرة على عدم سواد محلّ بالقدرة على تبييض هذا المحلّ.
وكون العدم الأزليّ لا بالاختيار لا يوجب أن يكون كذلك بحسب البقاء والاستمرار الذي يكون بحسبه محلّا للتكليف.
أورد عليه أيضا بأنّ مرجع هذا البحث إلى أنّ متعلّق النهي هل هو مطلق الترك أو أنّه ترك خاصّ وهو المساوق لصورة الكفّ ، يمكن اختيار الثاني بدعوى أنّ النهي إنّما هو لجعل الداعي نحو الترك وهذا إنّما يتعقّل في صورة وجود المقتضي للفعل بحيث يكون المكلّف في مقام العمل فينهى ، أمّا إذا لم يكن في مقام العمل فلا معنى للنهي عنه لتحقّق الانتهاء والانزجار في نفسه بدون نهي فيكون النهي لغوا ، وهذا المعنى تظهر ثمرته في مورد العلم الإجماليّ الذي يكون أحد طرفيه مصروف النظر عنه بالمرّة فإنّه لا يكون منجّزا على هذا الرأي فينحصر النهي بصورة الكفّ قهرا وإن تعلّق بالترك (١).
وفيه : أوّلا أنّ قياس المقام بما يكون خارجا عن محلّ الابتلاء قياس مع الفارق لأنّ المورد الذي لا يكون محلّ الابتلاء خارج عن كونه تحت القدرة فلا يحسن الخطاب بالنسبة إليه. وهذا بخلاف المورد الذي لا يكون المقتضى للعمل فيه موجودا بالفعل لأنّه لا يكون خارجا عن محلّ القدرة لإمكان الإتيان به في بعض الأحيان ولو بداع آخر من الدواعي كخطاب الشيوخ بعدم الزنا فإنّهم لا يميلون إليه ، ومع ذلك يمكن ارتكاب ذلك بعروض دواع اخرى ، فإمكان الانبعاث يكفي في صحّة الخطاب وحسنه كما لا يخفى.
__________________
(١) منتقى الأصول : ج ٣ ص ٨.