وثانيا : أنّ عدم حسن الخطاب على تقدير التسليم إنّما يكون إذا كان الخطاب شخصيّا لا بنحو الكلّيّ والضرب القانونيّ فإنّ الخطابات القانونيّة خطابات كلّيّة متوجّهة إلى العناوين الكلّيّة وتصحّ من غير استهجان إذا كان في المخاطبين من يمكن انبعاثه بها ولا يلزم أن يكون الأفراد جميعهم كذلك في رفع الاستهجان ، فمنشأ الإشكال هو الخلط بين الحكم الكلّي والجزئيّ فتأمّل.
وثالثا : إنّ لقائل أن يقول إنّا لا نسلّم عدم حسن الخطاب بالنسبة إلى ما كان خارجا عن محلّ الابتلاء لوجود الفائدة فيه وهو وجوب الاحتياط في أطراف العلم الاجماليّ كما يصحّ إطلاق الخطاب بالنسبة إلى غير القادر لأنّ فائدته هو وجوب الفعل فيما إذا شكّ في القدرة ، ويشهد له ما يقوله العاجز عند ترك شيء من الأشياء التي لم يتمكّن منها من إنّي تركت محبوب المولى إذ لا دليل على المحبوبيّة إلّا إطلاق الخطاب بالنسبة إليه أيضا.
وبالجملة لا يلزم في صحّة البعث أن يكون بداعي الانبعاث بل يصحّ أن يكون بدواع اخرى كالاحتياط في أطراف العلم الإجماليّ أو إتمام الحجّة كتوجيه الخطابات نحو العصاة والكفّار مع كونهم غير منبعثين ، هكذا أفاد استاذنا المحقّق الداماد قدسسره فتأمّل.
المبحث الرابع : في وجه اختلاف الأمر والنهي في كيفيّة الامتثال
ولا يخفى عليك أنّ مقتضى الأمر هو حصول الامتثال بأوّل مصاديق المتعلّق لأنّ الطبيعة توجد بوجود فرد بخلاف مقتضى الثاني فإنّ امتثاله يتقوّم بترك جميع الأفراد مع أنّ المتعلّق في كليهما هو وجود الطبيعة إذ الأمر هو البعث نحو وجود الفعل ، والنهي هو الزجر عن وجود الفعل فيقع البحث عن وجه الفرق ، ذهب استاذنا المحقّق الداماد قدسسره إلى أنّ الطبيعة في متعلّق النهي مستعملة بكثرة الاستعمال في الطبيعة السارية دون متعلّق الأمر ، فالعرف يفهم من النواهي أنّ كلّ فرد من أفراد الطبيعة