كان مبغوضا ولذلك حكم بعصيان من شرب الخمر في يوم مع الحكم بالامتثال لو ترك شرب الخمر في يوم آخر.
وبالجملة صيغة النهي وإن استعملت أحيانا فيما إذا كانت الطبيعة في متعلّقها مبغوضة بصرف وجودها كقولهم (لا تقتل هذا الرجل) إلّا أنّ أكثر موارد استعمالها في الطبائع التي كانت مبغوضة بجميع أفرادها بخلاف صيغة الأمر فإنّه ربّما يستعمل في الطبيعة التي كانت مطلوبة بجميع أفرادها كقوله تعالى (اذْكُرُوا اللهَ ذِكْراً كَثِيراً) ولكنّ أكثر موارد استعمالها في الواجبات هي الطبائع التي كانت مطلوبة بوجود فرد واحد.
وعليه فالسرّ في اختلاف كيفيّة الامتثال هو اختلاف ظهور صيغة الأمر بكثرة الاستعمال في مطلوبيّة الطبيعة بوجود فرد واحد بخلاف صيغة النهي لظهورها بكثرة الاستعمال في مبغوضيّة الطبيعة بجميع أفرادها.
وهذا الوجه ليس بوجه عقليّ بل هو استظهار عرفيّ من ناحية انصراف اللفظ كما لا يكون ظهورا إطلاقيّا لعدم الحاجة إلى الأخذ بمقدّمات الإطلاق فإنّ الحكم على الفرض منحلّ بانحلال متعلّقه إلى النواهي بالظهور الانصرافيّ اللفظيّ وأمّا ما يظهر من (مناهج الوصول) من أنّ الالتزام بالعموم الاستغراقيّ في جانب المتعلّق حتى ينحلّ النهي بتبعه خلاف التحقيق لعدم استعمال المادّة في الأفراد وجدانا كما لم تستعمل الهيئة في الطبيعيّ (١).
فهو منظور فيه بعد وجود كثرة الاستعمال في الطبيعة السارية في النواهي فإنّ اللفظ حينئذ ظاهر في استعمال المادّة في الأفراد في ناحية المتعلّق ويتكثّر النهي بتبع تكثّر الأفراد.
ذهب المحقّق الخراسانيّ إلى أنّ منشأ الفرق هو العقل لأنّ المتعلّق في الأمر
__________________
(١) منهاج الوصول : ج ٢ ص ١٠٦.