الملازمة فكبرى اقتضائه ممنوعة (١).
وأمّا ما في حاشية الدرر من المحقّق اليزدي قدسسره من أنّا إذا راجعنا وجداننا نجد من أنفسنا أنّه إذا أردنا فعلا نترك أضداده بإرادة منّا واختيار بحيث يصحّ المؤاخذة على ذلك الترك ولو لم يكن مسبوقا بالإرادة والاختيار لما صحّ. وبالجملة نجد الملازمة بين إرادة الشيء وإرادة ترك أضداده الخاصّة ، كما نجد الملازمة بين إرادة الشيء وإرادة مقدّماته ؛ ألا ترى أنّك لو أردت الخلوة مع أحد وكان عندك شخص آخر فإنّك تتوسّل إلى قيامه من المجلس بأيّ وسيلة أمكنت. وعلى هذا نقول إن كان حال إرادة الآمر حال إرادة الفاعل بعينها لزم القول بهذه الملازمة ، ولكن عرفت منع الغاية المذكورة (٢).
ففيه أنّ إرادة الضدّ علّة لوجوده ومع وجود العلّة التامّة لوجود الضدّ لا مجال لوجود الضدّ الآخر ، بل هو عدم بعدم وجود علّته ، ولا حاجة إلى إرادة الترك. وأمّا المثال المذكور فهو ليس من باب إرادة الترك ، بل هو من باب إزالة إرادة وجود ضدّ لإرادة شيء آخر مضادّ له ، فلا تغفل.
تبصرة : ولا يخفى عليك أنّ سيّدنا الإمام المجاهد قدسسره أفاد في المقام نكتة وهي بتوضيح منّي أنّه بناء على وجوب المقدّمات الموصلة لا يتمّ الدليل الأوّل بثلاث مقدّمات بل يحتاج إلى المقدّمة الرابعة وهي لزوم كون المتلازمين محكومين بحكم واحد ، فإنّ نقيض الترك الموصل هو ترك هذا الترك المقيّد ، فإذا وجب الترك الموصل يحرم تركه بمقتضى المقدّمة الثالثة وهي استلزام الأمر بالشيء للنهي عن ضدّه ، ولكن هذه الحرمة متعلّقة بترك الترك الموصل ، ولا يفيد حرمة الفعل وإن كان بترك الترك
__________________
(١) المقالات : ١ / ١١٩.
(٢) الدرر : / ١٣٣.