لأنّا نقول أوّلا لا مقدّميّة بين فعل العبادة وترك الضدّ إذ الترك أمر عدميّ والعدم لا يقبل العلّيّة بل الضدّ عدم بعدم أسبابه وعلّته ، وعليه ففعل الضدّ وهو العبادة لا يكون علّة لترك الضدّ الآخر الأهمّ الذي يوجب العقاب.
وثانيا : بأنّ مبغوضيّة العبادة بعنوان مقدّميّتها لترك ذي المقدّمة خارجة عن محلّ البحث عن مبغوضيّة العبادة بذاتها إذ تلك الجهة مغايرة لنفس العبادة من حيث هي بل داخلة في مبحث اجتماع الأمر والنهي وقد مرّ أنّه لا مانع من اجتماع العنوان المحبوب والعنوان المبغوض في شيء واحد بناء على ما مرّ من جواز الاجتماع.
ثمّ لا يخفى عليك أنّ صاحب نهاية الأفكار ذهب إلى خروج النواهي التحريميّة عن محلّ النزاع كخروج الإرشاديّة عن محلّ النزاع ، فالبحث في دلالة النهي على الفساد وعدمها يرجع إلى المبحث الصغرويّ بأنّ النهي المتعلّق بعنوان عبادة أو معاملة هل هو مولويّ تحريميّ كي لا يقتضى الفساد أو إرشاديّ إلى خلل فيه حتّى يقتضي الفساد.
وتفصيل ذلك أنّه لا مجال لتوهّم الدلالة على الفساد مطلقا سواء في المعاملات أو العبادات.
أمّا المعاملات فواضح من جهة وضوح عدم اقتضاء مجرّد النهي المولويّ عن معاملة وحرمتها تكليفا لفسادها وضعا ومن ذلك لم يتوهّم أحد فساد المعاملة في مورد نهي الوالد أو الحلف على عدم البيع ونحوه.
وأمّا العبادات فكذلك أيضا وذلك إنّ الفساد المتصوّر فيها لا يخلو إمّا أن يكون من جهة انتفاء الملاك والمصلحة فيها وعدم ترتّب الغرض عليها أو أن يكون من جهة الخلل في القربة الموجب لعدم سقوط الأمر عنها.
أمّا الفساد من الجهة الأولى فواضح أنّه غير مترتّب على النهي حيث لا إشعار فيه فضلا عن الدلالة على عدم المصلحة في متعلّقه بل غاية ما يقتضيه إنّما هي الدلالة