على وجود المفسدة في متعلّقه وأمّا الدلالة على عدم المصلحة فيه ولو من جهة اخرى فلا ، وهو واضح بعد وضوح عدم الملازمة بين مجرّد حرمة الشيء وبين عدم ملاك الأمر والمصلحة فيه.
نعم لو كان بين المصلحة والمفسدة أيضا مضادّة كما بين المحبوبيّة والمبغوضيّة بحيث لا يمكن اجتماعهما في موضوع واحد ولو بجهتين تعليليّتين لكان المجال لدعوى دلالة النهي ولو بالالتزام على عدم وجود المصلحة في متعلّقه ولكنّه لم يكن كذلك لما عرفت من إمكان اجتماعهما في عنوان واحد بجهتين تعليليّتين ونظيره في العرفيّات كما في مثل وضع العمامة على الرأس لمن كان له وجع الرأس في مجلس فيه جماعة من المؤمنين الأخيار حيث إنّ كون العمامة على الرأس مع كونه فيه كمال المفسدة بلحاظ وجع الرأس كان فيه أيضا كمال المصلحة بلحاظ كونه نحو إعزاز وإكرام للمؤمنين وكون تركه هتكا وإهانة لهم ، وعليه فلا يبقى مجال لدعوى دلالة النهي واقتضائه للفساد من هذه الجهة.
وأمّا الفساد من الجهة الثانية فهو وإن كان لا محيص عنه مع النهي ولكنّه أيضا مترتّب على العلم بالنهي لا على نفس وجود النهي ولو لم يعلم به المكلّف ، فتمام العبرة في الفساد في هذه المرحلة على مجرّد العلم بالنهي فإذا علم بالنهي كان علمه ذلك موجبا لعدم تمشّي القربة منه الموجب لفساد عبادته وإن لم يكن في الواقع نهي أصلا كما أنّه مع عدم العلم به يتمشّى منه القربة وتصحّ منه العبادة وإن كان في الواقع نهى كما عرفت في مثال الجهل بالغصب أو الجهل بالحرمة عن تصوّر مع إنّ قضيّة ظاهر العنوان هو ترتّب الفساد على نفس النهي الواقعيّ.
هذا مضافا إلى أنّه لو سلّم كون الفساد المفروض في محلّ الكلام هو الفساد من تلك الجهة الأخيرة لما كان معنى لإنكاره من أحد في العبادات بعد اتّفاقهم على لزوم قصد القربة فيها.