وعلى ذلك فلا مجال لإرادة النهي المولويّ التحريميّ من لفظ النهي في عنوان البحث كما أنّه لا مجال أيضا لإرادة النهي الإرشادي منه لأنّه أيضا ممّا لا إشكال في دلالته على الفساد في العبادات والمعاملات.
بل لا بدّ وأن يكون المراد منه في العنوان طبيعة النهي في نفسه فيكون مرجع النزاع حينئذ إلى أنّ النزاع في أنّ النهي المتعلّق بالشيء عبادة كانت أم معاملة مولويّ تحريميّ كي لا يقتضي الفساد أم إرشاديّ إلى خلل فيه حتّى يوجب الفساد ، هذا (١).
ويمكن أن يقال إنّ الظاهر هو الخلط بين مسألة اجتماع الأمر والنهي ومسألة دلالة النهي عن ذات المعاملة أو العبادة على الفساد وعدمها إذ ملاحظة نهي الوالد أو الحلف في المعاملات أو الجهتين التعليليّتين في العبادات والتمثيل بوضع العمامة على الرأس تحكي عن ملاحظة العنوانين اللذين يكون أحدهما مركبا للأمر والآخر مركبا للنهي مع أنّه يناسب باب مسألة اجتماع الأمر والنهي لا مسألة دلالة النهي على الفساد لأنّ الكلام هاهنا بعد الفراغ عن تعلّق النهي بنفس العبادة من دون وساطة أيّ عنوان آخر.
فما مرّ في مسألة الاجتماع من تصوير إمكان اجتماع المصلحة والمفسدة أو المحبوبيّة والمبغوضيّة في شيء واحد لعدم كونها من الأعراض الخارجيّة القائمة بفعل المكلّف بل هي من الوجوه والاعتبارات التي يمكن اجتماعهما في شيء واحد بجهات مختلفة ، يختصّ بتلك المسألة إذ تعدّد الجهات والحيثيّات يوجب جواز اجتماع الأمور المذكورة فلا مانع من أن يكون شيء واحد بجهة ذا مصلحة وبأخرى ذا مفسدة أو بجهة محبوبا وباخرى مبغوضا بل بجهة مقرّبا وباخرى مبعّدا كما مرّ تفصيله.
هذا بخلاف مسألة دلالة النهي على الفساد بعد الفراغ عن تعلّقه بنفس العبادة
__________________
(١) نهاية الأفكار : ص ٤٥٣ و ٤٥٤.