وبعبارة أخرى الإطلاق أو التقييد يحتاج إلى لحاظ المطلق أو المقيّد باللحاظ الاستقلاليّ ومعنى الحرف ملحوظ آليّا وإلّا لمّا كان معنى حرفيّا والملحوظ باللحاظ الآلي لا يجامع مع اللحاظ الاستقلاليّ فالمعاني الحرفيّة لا تقبل الإطلاق والتقييد.
يمكن الجواب عنه بإمكان ملاحظة المعنى الحرفيّ الوسيع أو الضيق بتبع المعنى الاسمي كما لوحظت معاني الحرفي عند وضع الحروف لها كذلك كقولهم «من» للابتداء ، فإنّ معنى الابتداء الحرفي عند قولهم «من» للابتداء ثبت بالوضع لكلمة «من» بتبع معنى الابتداء الاسمي مع أنّ معنى الابتداء الحرفي من المعاني الحرفيّة وعليه فيمكن ملاحظة ما يستفاد من الأداة من الترتّب بنحو العلّيّة المنحصرة بتبع ملاحظة العلّة والمعلول على نحو لا ينفكّ أحدهما عن الآخر بمعناها الاسمي (١).
وثانيا : إنّ ترتّب العلّة بنحو الانحصار وبنحو غير الانحصار مصداقان للترتّب المستفاد من أداة الشرط وكلّ واحد منهما مشتمل على الخصوصيّة ولا يلازم أحدهما الإطلاق فإثبات أحدهما بالإطلاق مع أنّ نسبة الترتّب المطلق إليهما متساوية بلا معيّن بل إرادة كلّ واحد من أنحاء الترتّب محتاجة إلى القرينة وعليه فقياس الترتّب الانحصاري بالواجب النفسي قياس مع الفارق لأنّ الوجوب النفسي وجوب على كلّ حال وهو يلازم الإطلاق بخلاف الغيري فإنّه ثابت في حال دون أخرى هذا بيان ما ذهب إليه في الكفاية.
أورد عليه في نهاية الدراية بأنّ عدم ترتّب التالي على غير المقدّم لا يوجب أن يكون سنخ المترتّب على غيره مبائنا معه من حيث الترتّب أو اللزوم بخلاف عدم كون الوجوب للغير فإنّ الوجوب المنبعث عن وجوب الغير سنخ من الوجوب ومقابل للوجوب الغير المنبعث عن وجوب آخر فليس عدم الترتّب على غير المقدّم
__________________
(١) راجع نهاية الدراية : ج ٢ ص ١٦٢.