أخرى حتّى يكون مفادها البعث إلى إكرام آخر.
فإن قلت : إطلاق الدليلين للبعث نحو وجود واحد من الطبيعة بلحاظ شمول كلّ واحد منهما للأفراد البدليّة أمّا بنحو التخيير العقليّ أو التخيير الشرعيّ يقتضي اجتماع المثلين في كلّ واحد من الأفراد البدليّة فيكون كالبعثين التعيّنيّين نحو واحد معين.
قلت : لا شبهة في ارتفاع المنافاة بتقييد الوجود الواحد من الطبيعة بالآخر عرفا بأن يقال : إن جامعت في يوم شهر رمضان فكفّر وإن استمنيت في شهر رمضان فكفّر كفّارة أخرى هذا مضافا إلى أنّ الأشكال المذكور يندفع عن التخيير العقليّ لتعلّق الحكم بوجود الطبيعة بنحو اللابشرطيّة عن الخصوصيّات البدليّة وتجويز تطبيقه على الأفراد البدليّة بحكم العقل الذي ليس من قبيل البعث والزّجر بل مجرّد الإذعان بقبول الانطباق على كلّ فرد وحصول الامتثال به (١).
حاصله أنّ الحكم الشرعي متعلّق بنفس وجود الطبيعة بنحو اللابشرطيّة فلا تخيير فيه بحسب الشرع كما أنّ تجويز التطبيق عقلا أيضا ليس حكما عقليّا فلا تخيير لا شرعا ولا عقلا حتّى يجتمع المثلان باعتبارهما في الأفراد البدليّة.
والتهافت بين القضيّتين من ناحية أنّ كلّ جزاء بعث إلى وجود الطبيعة يرتفع بالجمع العرفيّ بينهما بتقييد الوجود الواحد من الطبيعة بالآخر فلا يجتمعان في الوجود الواحد من الطبيعة كما لا يجتمعان في الأفراد البدليّة بعد ما عرفت من أنّه لا تخيير شرعا ولا عقلا.
قال المحقّق النائينيّ قدسسره : إنّ تعلق الطلب بشيء لا يقتضي إلّا إيجاد ذلك الشيء خارجا ونقض عدمه المطلق وبما أنّ نقض العدم المطلق يصدق على أوّل وجود من
__________________
(١) راجع نهاية الدراية ج ٢ ص ١٧٠ ـ ١٧١ مع توضيح وتغيير ما.