الفصل الخامس : في مفهوم الحصر
ولا يذهب عليك أنّ حصر حكم في شيء يدلّ بمفهومه على نفي الحكم المذكور عن غيره ولا كلام فيه وإنّما الكلام في ما يفيد الحصر ويمكن استفادة الحصر من كلمات منها :
منها : كلمة الاستثناء نحو «إلّا» وهذه الكلمة إذا كانت بمعنى الاستثناء لا بمعنى الصفة والغير تدلّ على الحصر فإنّ قولنا جاءني القوم إلّا زيدا يدلّ على اختصاص الإيجاب بالمستثنى منه والنفي بالمستثنى فالخارج عن المجيء منحصر في زيد.
كما أنّ قولنا ما جاءني القوم إلّا زيد يدلّ على اختصاص النفي بالمستثنى منه والإيجاب بالمستثنى وعليه فالجائي منحصر في زيد.
ويدلّ عليه التبادر والانسباق عند أرباب المحاورة وهو كاف في إثبات الاختصاص والدلالة المذكورة ولذلك قال الشيخ الأعظم في محكيّ كلامه لم نعثر على حكاية خلاف في الحكمين (أي أنّ الاستثناء من النفي يفيد إثبات الحكم للمستثنى كقولك ما جاءني أحد إلّا زيدا والاستثناء من الإثبات يفيد نفي الحكم له كقولك جاءني القوم إلّا زيدا) إلّا من أبي حنيفة حيث إنّه ذهب فيما حكى عنه إلى عدم الإفادة والمعقول من كلامه أن يقال أنّ المستفاد من قولك ما جاءني إلّا زيد ليس إلّا عدم دخول زيد في الحكم المذكور وأمّا حكمه فيحتمل أن يكون موافقا أو مخالفا إلّا أنّ شيئا منهما غير مستفاد من الكلام المذكور فغاية ما يفيده الاستثناء خروج