لا مجرّد اختلاف الرتبة ، حتّى يقال إنّ عنوان الإطاعة بالنسبة إلى الأمر بالأهمّ مؤخّر وبالنسبة إلى الأمر بالمهمّ مقدّم ، ومقتضاه هو إمكان أن يقال : أطع الأهمّ ، وإن أطعته فأت بالمهمّ ؛ مع أنّه طلب للجمع بين الضدّين ، واختلاف الرتبة لا يدفعه. وبناء عليه ، فمع فعليّة تأثير الأهم في جانب الأهمّ لا يبقى مجال للأمر بالمهمّ مع وجود التضادّ بينهما ، إلّا على نحو التخيير ، وهو خلف في أهمّيّة أحد الطرفين بالنسبة إلى الآخر ، فمع انقياد المخاطب ومؤثريّة الأمر بالأهمّ لا مجال للمترتّب.
هذا مضافا إلى أنّه مع الإطاعة لا يبقى أمر للأهمّ حتّى يجتمع مع الأمر بالمهمّ ويلزم منه طلب الجمع بين الضدّين ، اللهمّ إلّا أن يكون مقصوده العنوان الانتزاعيّ كالذي يطيع أو غيره من العناوين الانتزاعيّة التي تصدق قبل الامتثال على أنّ الأمر بالمهمّ لجبران فقدان مصلحة الأهمّ ؛ فإذا كان المكلّف قاصدا للاطاعة والامتثال فلا داعي للطلب الترتّبي في هذه الصورة ، بخلاف عصيان الأهمّ ، فلا تغفل.
وكيف كان ، فالأمر الترتّبي بما هو هو لا يوجب الجمع بين المتضادّين ، ويشهد له ـ مضافا إلى ما عرفت ـ أنّ المكلّف لو جمع بين الأهمّ والمهمّ ـ فيما إذا أمكن ذلك ، مثل ما إذا قال المولى لعبده : جئني بماء عذب وإن عصيت ذلك فجئني بماء مالح لم يقعا على صفة المطلوبيّة. وهذا آية عدم الأمر بالجمع وعدم ملازمة الترتّب ، لا بحساب الجمع ، لأنّ المهمّ لا يقع على صفة المطلوبيّة بعد عدم تحقّق شرطه ، وهو عدم مؤثّريّة الأمر بالأهمّ. وبالجملة ؛ فمع وجود تأثير الأهمّ لا يصدق عصيان الأهمّ وتركه حتّى يتحقّق شرط المهمّ ، من دون فرق بين أن يكون الأهمّ والمهمّ متضادّين وبين أن لا يكونا كذلك.
لا يقال : إنّ الذي يعصي ولا يأتي بالأهمّ يمتنع عليه الجمع بين الإتيان بالأهمّ والإتيان بالمهمّ ، وإلّا كان هو الذي يطيع ، والجمع بين الذي يعصي ولا يأتي وبين الذي يطيع ويأتي جمع بين النقيضين.