الفصل السابع : في مفهوم العلّة والحكمة المنصوصتين
يقع الكلام في مقامين :
المقام الأوّل : في العلّة المنصوصة
ولا يخفى عليك أنّ العلّة بمنطوقها معمّمة وبمفهومها مخصّصة وتوضيح ذلك أنّ مثل قولهم لا تأكل الرمّان لأنّه حامض ظاهر في أنّ الحموضة علّة للحكم المذكور وهو المنع عن أكل الرمّان وإرجاع التعليل إلى بيان قيود الموضوع خلاف الظاهر ولا موجب له ما لم تقم قرينة عليه.
ثمّ إنّ مقتضى عدم تقييد الحموضة بشيء آخر هو أنّها بخصوصها من دون ضميمة شيء آخر تكون علّة للمنع المذكور فهي علّة مستقلّة لا جزء العلّة.
كما أنّ مقتضى عدم تقييد الحموضة بحموضة المورد في المنطوق هو أنّ الحموضة في كلّ مورد تكون موجبة للمنع والنهي ولذا يتعدّى عن الرّمان إلى كلّ حامض ويحكم بحرمته فمن هذه الجهة توصف العلّة بأنّها معمّمة وبعبارة أخرى لأنّه حامض في قوّة تعليل التحريم بكون الرمّان من مصاديق الحامض والحامض محرّم وهو كبرى كلّيّة تدلّ على تعميم الحكم ولكنّ هذا التعميم يكون بمناسبة الحكم والموضوع في دائرة المأكولات فلا يتعدّى عن الأكل إلى المسّ أو الحمل ونحوهما من الأمور.
ثمّ إنّ كون المتكلّم في مقام بيان العلّة واكتفائه بذكر خصوص الحموضة يقتضي بمقدّمات الحكمة أنّ العلّة الوحيدة لحرمة الرمّان هي الحموضة لا غير وعليه فالعلّة المذكورة من جهة دلالتها على انحصار العلّة فيها تخصّص إطلاق المنع عن أكل الرمّان