ثمّ لا يخفى عليك أنّ الترتّب في القصر والإتمام والجهر والإخفات يتحقّق بأمر جديد غير الأمر الأوّلي ، لأنّ الأمر الأوّلي يتنوّع بحسب عنوان المسافر والحاضر أو بحسب الصلوات باختلاف الأوقات ؛ والدليل على الأمر الجديد هو ما ورد في الروايات من كفاية الإتمام مكان القصر عند الجهل بوظيفة المسافر أو كفاية الإخفات موضع الإجهار ، وبالعكس ، عند الجهل.
والترتّب في هذه الموارد يختلف مع الترتّب في سائر الموارد التي ربّما يتزاحم فيها بين الخطابات ويكون طرف منها بالنسبة إلى الآخر أهمّ ، والاختلاف من ناحية أنّ الأمر بالمهمّ عند عصيان الأمر الأهمّ ليس غير الأمر الأوّلي ، بل هو هو ، وإنّما يرفع اليد عنه عند التزاحم ، فإذا لم يكن مزاحم أو كان ولا تأثير له فيؤخذ بالأمر الأوّلي ولا يجوز رفع اليد عنه من دون مزاحم مؤثّر ، كما لا يخفى.
وكيف كان ، فالمتحصّل إلى حدّ الآن هو عدم ورود إشكال على كاشف الغطاء في جعل مسألة الجهر والإخفات أو القصر والإتمام من باب الترتّب.
التنبيه الخامس : ربّما يقال إنّه بناء على عدم إمكان الشرط المتأخّر لزم التفصيل بين الموارد ، فكلّ مورد يلزم من اشتراط عصيان الأهمّ فيه تأثير أمر متأخّر في المتقدّم لا يتأتّى فيه الترتّب ، كما إذا كان الأهمّ والمهمّ تدريجيّ الوجود ، أو كان الأهمّ أمرا باقيا ومستمرّا وكان عصيانه في الآن الأوّل المتعقّب بعصياناته في الآنات المتأخّرة مؤثّرا في فعليّة المهمّ. فإنّ العصيان الخارجيّ في الأزمنة المتأخّرة لو كان مؤثّرا في فعليّة المهمّ من الأوّل لزم تأثير المتأخّر في المتقدّم. وهو محال ، فالترتّب في هذه الموارد مستحيل.
هذا بخلاف ما إذا كان الشرط في فعليّة المهمّ هو عصيان الأهمّ في الآن المقارن ، سواء كان كلّ واحد منهما آنيّا أو كان الأهمّ آنيّا دون المهمّ ولا استمرار للأهمّ ، فإنّ الشرط في كلا الصورتين هو العصيان المقارن ، فلا يلزم تأثير المتأخّر في المتقدّم.