وذلك لما عرفت من أنّه لا حكم في الصورة الاولى ولا حاجة في الصورة الثانية ، هذا مضافا إلى أنّ الشرط ليس هو عصيان خارجيّ حتّى يلزم من الترتّب فيه طلب الحاصل ، بل الشرط هو حالة العصيان والبناء والعزم كما مرّ مرارا.
التنبيه التاسع : أنّ الترتّب يجري في باب اجتماع الأمر والنهي حتّى بناء على الامتناع وكون التركيب بين متعلّقي الأمر والنهي اتّحاديا ، لأنّ الواحد متحيّث بحيثيّتين وله ملاكان وكلّ ملاك من جهة حيثيّة خاصّة والحكم متعلّق بهما في الذهن لا في الخارج وعليه فلا تزاحم بين الحكمين ، ولكنّ الامتناعيّ حيث تخيّل تعلّق الحكم بالوجود الخارجيّ زعم تزاحم الحكمين مع وجود الملاكين لهما كما يتزاحمان في مقام الامتثال ؛ وبالجملة فمع تقديم جانب النهي سقط الأمر في جانب آخر ، ولكن يمكن جريان الترتّب فيه لوجود الملاك في جانب الأمر ، فإذا لم يكن النهي مؤثّرا فلا مانع من فعليّة الأمر في جانب آخر.
ذهب في منتهى الاصول إلى عدم جريان الترتّب فيه أيضا ، وقال : والسرّ في عدم جريان الترتّب في ذلك الباب هو أنّه بناء على تغليب جانب النهي لا يمكن أن يقال إن عصيت النهي ، أي إن غصبت مثلا فصلّ ، لأنّ الغصب ـ الذي به يتحقّق عصيان النهي عن الغصب ـ إن كان هو الغصب الذي يوجد في ضمن الصلاة وينطبق عليها ، ففي ذلك الظرف تكون الصلاة موجودة وحاصلة فيكون طلبه طلب الحاصل ، وإن كان غصبا آخر غير منطبق على الصلاة فيكون طلبا للممتنع ، وإن كان مطلقا يلزم كلا المحذورين (١).
وفيه ما مرّ مرارا من أنّ الشرط هو حالة العصيان والبناء والعزم على العصيان لا العصيان الخارجيّ ، فلا يلزم المحذورات المذكورة لو لم يدلّ دليل خاصّ على عدم صحّة مورد الأمر ، كما سيأتي إن شاء الله البحث عنه. فتدبّر جيّدا.
__________________
(١) منتهى الاصول : ج ١ ص ٣٧٢.