وممّا ذكر ينقدح أنّ إشكال طلب الجمع بين الضدّين مرتفع بعدم تأثير الأمر بالأهمّ لا بسقوطه وعليه فلا ملزم لجعل موضوع الأمر بالمهمّ سقوط الأمر بالأهمّ حتّى يدور الأمر بين السقوط والثبوت فيخرج عن محلّ الكلام بل الأمر بالأهمّ ثابت في حال العصيان أو البناء عليه قبل مضيّ وقت العمل فمع ذلك لا يكون مؤثّرا ومع عدم المؤثّرية لا يوجب مؤثّرية الأمر بالمهمّ طلب الجمع بين الضدّين كما لا يخفى.
لا يقال إنّ العصيان أمر عدمي وليس فيه مناط التأخّر الرتبي عن الأمر بالأهمّ لاختصاص المناطات بالامور الوجوديّة والعصيان ليس إلّا ترك الامتثال بلا عذر وعليه فتأخّره عن الأمر بالأهمّ لا مناط له وهكذا لا مناط فيه لتقدّمه على الأمر بالمهمّ حتّى يكون موضوعا لحكم أو شرطا لشيء أو غير ذلك لأنّ تلك الامور أي التقدّم أو التأخّر يكون من الامور الوجوديّة والعصيان لا يتّصف بإحدى الحيثيّات الوجوديّة لأنّا نقول أوّلا أنّ مفهوم العصيان متقوّم بتقدّم الأمر عليه إذ العصيان هو ترك امتثال الأمر الفعلي من دون عذر فالعصيان من دون وجود أمر غير متصوّر وعليه فتقدّم الأمر عليه كتقدّم اجزاء الماهيّة على نفس الماهيّة وان لم يكن بين العصيان والأمر رتبة العلّيّة والمعلوليّة.
وثانيا : إنّ العصيان ليس هو عدم محض بل هو مشوب بالوجود لأنّ العصيان مخالفة المولى في أوامره ونواهيه وهي من الامور الوجوديّة وإن كانت المخالفة موجبة لترك الامتثال بلا عذر.
وعليه فيكون العصيان متأخّرا زمانا عن الأمر بالأهمّ ومتقدّما على الأمر بالمهمّ.
ولا امتناع في جعل العصيان شرطا أو موضوعا بل واقع في الكتاب والسنّة كقوله تعالى : (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ).
وثالثا : إنّ الموضوعات والشرائط في الخطابات الشرعيّة ليست عقليّة بل هي