تكون عرفيّة والعرف يحكم بصحّة جعل مثل العصيان موضوعا أو شرطا للخطاب بالمهمّ.
ألا ترى انّ الوالد يقول لولده تعلّم فإن عصيت أمري ولم تتعلّم فعليك بالكسب والتجارة وليس ذلك إلّا لأنّ العرف يرى العصيان أمرا وجوديّا ومتأخّرا عن الأمر بالأهمّ وهو التعلّم ومتقدّما على الأمر بالمهمّ وهو الكسب.
لا يقال إنّ الأمر بالأهمّ لا يسقط وبقى على باعثيّته قبل تحقّق العصيان ومقتضى ذلك انّ المكلّف الذي يكون عاصيا فيما بعد يكون مبعوثا نحو الجمع بين الأمرين المتنافين ومجرّد كون العصيان في طول موضوع الأمر بالأهمّ لا يكفي في رفع المحذور وهو طلب الجمع بين الأمرين المتنافيين وهو غير قادر على ذلك.
لأنّا نقول إنّ مع عدم سقوط الأمر بالأهمّ في حال العصيان أو البناء عليه يلزم الجمع بين الطلبين لا طلب الجمع بين الأمرين المتضادين بعد ما عرفت من عدم تأثير طلب المهمّ إلّا بعد عدم تأثير طلب الأهمّ.
وبالجملة إنّ الأمر الترتّبي بما هو هو لا يوجب طلب الجمع بين المتضادّين ويشهد لما ذكر إنّ المكلّف لو جمع بين الأهمّ والمهمّ على فرض إمكان الجمع لم يقع الأمران على صفة المطلوبية ولذا لو قال المولى لعبده جئني بماء عذب وإن عصيت أمري جئني بماء ملح فاتى العبد بماء عذب وماء ملح لم يقع عنه امتثالان ولم يكن كلاهما مطلوبين وهذا علامة انّ الطلب الترتّبي لا يؤول إلى طلب الجمع.
فالترتّب يفيد الجمع في الطلب لا طلب الجمع فلا تغفل.
التنبيهات :
التنبيه الأوّل : إنّه لا يتوقّف الحكم بترتّب تأثير الأمر بالمهمّ على حالة عصيان الأمر بالأهمّ على ورود خطاب يتكفّل ذلك لجواز الاكتفاء بحكم العقل بذلك عند