وممّا ذكر يظهر صحّة ما ذهب إليه كاشف الغطاء على المحكي عنه من جعل مسألة الإخفات في موضع الجهر وبالعكس من موارد الترتّب ولا وقع لما اورد عليه المحقّق النائيني قدسسره بأنّ تلك المسألة ليست من مصاديق الترتّب لأنّ الجهر والإخفات من الضدّين اللذين لا ثالث لهما إذ القارئ لا يخلو عن أحدهما وقد ثبت أنّ الترتّب لا يجري في الواجبين اللذين لا ثالث لهما لامتناعه وبقيّة الكلام في المفصّل.
التنبيه الخامس : إنّ الحكم في طرف المهمّ يكون فعليّا بمبادئه وهي الإطلاقات الدالّة عليه مع وصولها إلى المكلّف واشتراط عصيان الأهمّ لا تأثير له في فعليّة الحكم بل هو في قوّة عدم وجود المزاحم عن فعليّة الحكم بمبادئه.
وعليه فلا مجال لما قيل من لزوم التفصيل بين الموارد ويقال كلّ مورد يلزم من اشتراط عصيان الأهمّ فيه تأثير أمر متأخّر في المتقدّم لا يتأتّى فيه الترتّب كما إذا كان الأهمّ والمهمّ تدريجي الوجود أو كان الأهمّ أمرا باقيا ومستمرّا وكان عصيانه في الآن الأوّل المتعقّب بعصياناته في الآنات المتأخّرة مؤثّرا في فعليّة الحكم.
بخلاف ما إذا كان الشرط هو عصيان الأهمّ في الآن المقارن فلا مانع من الترتّب فيه إذ لا يلزم منه تأثير الشرط المتأخّر في المتقدّم.
وذلك لما عرفت من أنّ شرط العصيان لا تأثير له في فعليّة الحكم.
التنبيه السادس : إنّ الترتّب جار أيضا في الواجبين المتزاحمين الطوليين بحسب الزمان إذا كان الثاني أهمّ وواجب المراعاة إمّا من جهة تصوير الواجب المعلّق أو من جهة أهمّيّة ملاك خطابه مع حكم العقل مستقلّا أو من باب متمّم الجعل بحفظ القدرة للواجب المتأخّر الأهمّ وذلك لعدم الفرق بين الواجبين المتزاحمين المقارنين والواجبين المتزاحمين الطوليين فكما أنّ اشتراط العصيان في المقارنين يدلّ على فعليّة الأمر بالمهمّ بسبب عدم وجود المزاحم فكذلك في الطوليين حرفا بحرف.
والقول بأنّ ذلك في الطوليين يستلزم الالتزام بتأثير الشرط المتأخّر وهو ممتنع