غير سديد بعد ما عرفت من أنّ العصيان لا تأثير له في فعليّة الخطاب بالمهمّ لأنّ فعليّته تكون بمبادئه المخصوصة وإنّما اشتراط العصيان يدلّ على عدم وجود المزاحم عن تأثير مبادئ المهمّ.
التنبيه السابع : إنّ الترتّب كما يمكن في ناحية الأمر فكذلك يمكن في ناحية النهي فيجوز أن يكون لا تغصب مترتّبا على عصيان الأهمّ كإنقاذ المؤمن في أرض مغصوبة فالنهي عن الغصب في مورد التزاحم مترتّب على عصيان خطاب الأهمّ كما أنّ الأمر بالصلاة مترتّب على عصيان الأمر بالإزالة عند تزاحمهما.
فكما أنّ العصيان في ناحية الأمر لا تأثير له في فعليّة الخطاب في طرف المهمّ إذ الفعليّة ناشئة من وصول الإطلاقات الأوّليّة الدالّة على وجوب الصلاة كقوله تعالى (أَقِيمُوا الصَّلاةَ) وإنّما يكون النهي حاكيا عن عدم المزاحم لتلك الإطلاقات فكذلك يكون العصيان حاكيا عن عدم المزاحم لفعليّة النهي عند تزاحمه مع الأهمّ وهذا واضح بناء على عدم وجوب المقدّمة فإنّ بين خطاب لا تغصب وانقذ الغريق مثلا تزاحم لا تعارض حتّى يستلزم التكاذب ومع وجود الأهمّ لا خطاب في طرف المهمّ وأمّا إذا قلنا بوجوب المقدّمة الموصلة فيقع التعارض بين لا تغصب ووجوب المقدّمة الموصلة لأنّ المراد من المقدّمة الموصلة هو نفس التصرّف في دار الغير من دون استيذان ومع التعارض يتكاذبان وحيث إنّ الأهمّ وهو وجوب المقدّمة الموصلة مقدّم فلا حكم في طرف المهمّ فيخرج عن مورد الترتّب فإنّ المهمّ حكم موجود مترتّب على عصيان الأهمّ.
التنبيه الثامن : إنّ الترتّب لا يجري إلّا في المتزاحمين اللذين بينهما تزاحم اتّفاقي كالصلاة والإزالة وأمّا إذا كان التزاحم بينهما دائميّا فلا مورد للترتّب لأنّ الترتّب فرع جعل الحكمين ومع التزاحم الدائمي جعل الحكمين خال عن الحكمة ولا يصدر عن الحكيم المتعال ففي مثله إن كان الملاك في أحدهما أقوى فالجعل على طبقه وإن كان