الفصل السادس : في جواز الأمر
مع انتفاء الشرط وعدمه
ولا يخفى عليك أنّ الشرط إمّا شرط لنفس الأمر والجعل وإمّا شرط للمجعول والمأمور به ؛ وعلى الأوّل فلا نزاع عندنا في عدم وقوعه ، إذ الشرط من أجزاء العلّة ، فمع عدم تماميّة علّة الجعل والأمر لا يمكن الجعل والأمر ، لأنّ مرجعه إلى تحقّق المعلول من دون علّته ، وهو محال.
نعم يدخل في محلّ النزاع بيننا وبين العامّة الذين يقولون بمغايرة الطلب النفسيّ مع الإرادة ووجود الكلام النفسيّ ؛ فإنّا نختار وحدتهما ونقول لا يجوز تعلّق الإرادة من دون تماميّة علّتها ، فمع انتفاء شرط الإرادة لا تكون تامّة ، وحيث إنّ الطلب النفسانيّ عين الإرادة كان الطلب النفسانيّ مع انتفاء الشرط أيضا محالا ، ولكنّ العامّة لذهابهم إلى مغايرتهما يقولون بجواز توجّه الطلب النفسانيّ وإن امتنع تعلّق الارادة ، وقالوا قد يطلب المولى شيئا ولا يريده وقد ينهى عنه وهو يريده ، إلّا أنّ هذا البحث لا يكون مورده هنا ، بل اللازم هو أن يذكر عند البحث في الطلب والإرادة ، وأمّا إرجاع البحث في المقام إلى الأمر بمرتبة الإنشاء مع العلم بانتفاء المرتبة الفعليّة كما في الكفاية ، أو إلى الأمر بمرتبة الفعليّة مع العلم بانتفاء مرتبة التنجيز كما في غير الكفاية ، ففيه أنّه لا نزاع فيه ، إذ لا خلاف في صحّة الأوامر الامتحانيّة وفي وجود الأوامر الواقعيّة التي لم تصل أيضا.