أنّ تعارف الإطلاق والتقييد لا يمنع عن كون النهي تنزيهيّا حيث أنّ اللازم على فرض كون النهي تنزيهيّا هو حمل المطلق على غير المقيّد أيضا لتنافي المرجوحيّة مع الراجحيّة ، فتحصّل أنّ في هذه الصورة يقيّد المطلق بحمله على غير المقيّد من دون فرق بين أن يكون النهي تحريميّا أو تنزيهيّا وبين أن يعلم كون النهي تحريميّا أو تنزيهيّا أو لم يعلم.
الصورة الثالثة : هي ما إذا كان الدليلان أي المطلق والمقيّد مثبتين إلزاميين كقوله أعتق رقبة وأعتق رقبة مؤمنة.
ففي هذه الصورة إن احرزت وحدة الحكم فلا إشكال في حمل المطلق على المقيّد إذ مع وحدة الحكم يكون المتفاهم العرفي وارتكازاتهم هو تقديم المقيّد على ظهور المطلق فيجمع بينهما بحمل المطلق على المقيّد من دون فرق بين كون القيد منفصلا أو متّصلا غاية الأمر كما أفاد في المحاضرات أنّه على الأوّل يمنع عن حجّيّة الظهور وكاشفيّته عن المراد الجدّيّ وعلى الثاني يمنع عن أصل انعقاد الظهور له فلا تكون بينهما معارضة أبدا (١).
وهكذا لا فرق بين كون إحراز وحدة الحكم من جهة وحدة السبب أو من غيرها من سائر القرائن وفصّل في الدرر في صورة إحراز وحدة الحكم بين كون الاحراز من جهة وحدة السبب (كقوله إن ظاهرت فأعتق رقبة وإن ظاهرت فاعتق رقبة مؤمنة) فيتعيّن التقييد ولا وجه للتصرّف في المقيّد بأحد النحوين فإنّه إذا فرض كون الشيء علّة لوجوب المطلق فوجود القيد أجنبيّ عن تأثير تلك العلّة فلا يمكن أن يقال إنّ وجوب المقيّد معلول لتلك فلا بدّ له من علّة اخرى والمفروض وحدتها وكذا كون الشيء علّة لوجوب المطلق ينافي كونه علّة الاستحباب للفرد الخاصّ إذ
__________________
(١) المحاضرات : ٥ / ٣٧٧.