استناد المتباينين إلى علّة واحدة غير معقول.
وبين كون الإحراز من غير جهة وحدة السبب فيدور الأمر بين حمل الأمر المتعلّق بالمطلق على ظاهره من الوجوب والإطلاق والتصرّف في الأمر المتعلّق بالمقيّد إمّا هيئة بحملها على الاستحباب وإمّا مادّة برفع اليد عن ظاهر القيد من دخله في موضوع الوجوب وجعله إشارة إلى الفضيلة الكائنة في المقيّد وبين حمل المطلق على المقيّد وحيث لا ترجيح لأحدها لاشتراك الكلّ في مخالفة الظاهر فيتحقّق الإجمال (١).
ولا يخفى عليك أنّ دعوى الإجمال فيما كان إحراز الوحدة من غير جهة وحدة السبب غير وجيه لأنّ المفروض هو وحدة الحكم ومع وحدة الحكم يكون المتفاهم العرفيّ هو الجمع بحمل المطلق على المقيّد.
والوجه في ذلك هو أنّ المقيّد قرينة على التصرّف في أصالة الجدّ الجارية في المطلق لا أنّ المقيّد يوجب اختلال الظهور الإطلاقيّ بدعوى أنّ الظهور الإطلاقيّ فرع عدم ما يصلح للقرينيّة ومع العثور عليه لا ينعقد له إطلاق كما حكي عن الشيخ قدسسره (٢).
وذلك لما عرفت مرارا إنّ ذلك صحيح بالنسبة إلى قرينة متّصلة وأمّا القرينة المنفصلة فلا توجب اختلال الظهور الاستعمالي غاية الأمر أنّها موجبة للتصرّف في أصالة الجدّ الجارية في ناحية الإطلاق إذ الظهور الاستعمالي لا يكون بعد الفحص وعدم الظفر بالقيد معلّقا.
نعم الظهور الكاشف عن المراد الجدّي معلّق على عدم البيان فمع البيان لا مورد له وكيف كان فالعمدة هو إحراز وحدة الحكم سواء كان ذلك من جهة وحدة السبب
__________________
(١) الدرر : ١ / ٢٣٦ ـ ٢٣٧.
(٢) الفرائد طبع رحمة الله : ٤٥٧.