لسقوط الأمر عن المطلق أيضا فلا محالة يكون الأمر به لغوا محضا حيث إنّ الإتيان بالمقيّد ممّا لا بدّ منه ومعه يكون الأمر بالمطلق لغوا وعبثا ولا يقاس هذا بما لو كان بين متعلّقي التكليفين عموم من وجه كعنوان العالم وعنوان الهاشميّ فإنّ إطلاق الأمر فيه لكلّ من الدليلين لا يكون لغوا أبدا لفرض أنّ لكلّ منهما مادّة الافتراق بالإضافة إلى الآخر (١).
هذا كلّه مع الشكّ في وحدة التكليف وحمل كلّ واحد من الخطابين على التكليف المستقلّ أخذا بظاهر الخطابين ومقتضاه كما عرفت هو حمل المطلق على غير مورد المقيّد وعليه فاللازم في امتثال المطلق هو الإتيان بالمطلق في غير مورد المقيّد لعدم إطلاق مادّة المقيّد فلا يكتفى بالمقيّد عن المطلق كما لا يكتفى بالمطلق عن المقيّد.
وأمّا إذا احرز أنّ التكليف متعدّدا ومتوافقا في الإثبات فالمتعيّن أيضا هو حمل كلّ منهما على التكليف المستقلّ فتقييد المطلق بغير مورد المقيّد أخذا بظاهر الأمرين لا يقال إنّ لازمه هو اجتماع المثلين في الواحد.
لأنّا نقول مقتضى الجمع بين الخطابين بعد ما عرفت من استحالة اجتماع الخطابين في واحد هو حمل المطلق على أنّ المراد منه غير المقيّد.
ففي مثل أعتق رقبة وأعتق رقبة مؤمنة يكون المراد من الرقبة في قوله أعتق رقبة هي غير الرقبة التي تكون في رقبة مؤمنة فلا يجتمع الخطابان في الواحد ومقتضاه كما مرّ آنفا هو عدم كفاية امتثال الثاني عن الأوّل لعدم إطلاق المادّة هذا بخلاف مثل أكرم العالم وأكرم الهاشميّ فإنّ الخطابين لا يجتمعان في واحد ويجوز التداخل فيهما بمثل إكرام العالم الهاشميّ لاطلاق المادّة وصدقها عليه فتدبّر جيّدا.
فتحصّل أنّه إذا علم من الخارج تعدّد التكليف أو حمل الكلام عليه في المطلق
__________________
(١) المحاضرات : ٥ / ٣٧٩.