النجس وإن علم أنّه نجس (١).
ففي هذه الصور يجوز للشارع أن يحكم بعدم الحجّيّة وعدم المعذوريّة من جهة طروء العناوين المذكورة ، فيحكم بعدم وجوب الاجتناب عن النجس للوسواسي أو يحكم بسقوط الشرط أو المانع عن الشرطيّة أو المانعيّة للوسواسي ، كما يرفع اليد عن تنجيز الحكم الواقعي بطروء الاضطرار ، فالوسواسي وإن حكم بتنجيز الحكم الواقعي في حقّ نفسه ، ولكن يمكن للشارع أن يرخّصه في تركه ؛ لما يرى من تبدّل عنوان المقطوع الموجب لرفع التنجّز واقعا والوسواسي والقطّاع وإن حكما بقطعهما على تنجيز الواقع ولكن لا اعتبار به عند العقل بعد إحراز طروء العناوين المذكورة المبدّلة للحكم الواقعي ؛ إذ ليس الحكم المذكور مناقضا للحكم الواقعي ، لأنّ حكم الشارع متعلّق بالمعنون بعنوان الوسواس أو القياس ، والحكم المقطوع يكون متعلّقا بعنوان نفس الشيء من دون ملاحظة العناوين المذكورة ، وفي مورد الاجتماع فالفعلي هو الأهمّ ، وعليه فلا يلزم من الحكم المذكور الترخيص في المعصية ؛ إذ الواقع بعد تبدّل عنوانه لا يبقى على ما هو عليه ، فلا تناقض ، كما لا معصية حتّى يلزم من المنع عنه الترخيص فيها ، ولا يلزم من ذلك رفع التنجيز ؛ لأنّ العقل لا يحكم بالتنجيز بعد تبدّل عنوان المقطوع بعنوان آخر أهمّ ؛ وعنوان المخالفة والإطاعة ليستا كعنوان الظلم والعدل من العناوين الذاتيّة الموجبة للحكم بالحسن أو القبح ، بل يكون ممّا يختلف بالوجوه والاعتبارات ، فمع اختلاف الوجه والاعتبار لا يبقى حكم العقل بالتنجيز على فعليّته.
ثمّ إنّ الوسواسي والقطّاع ومن اعتمد على القياس ونحوهم إن توجّهوا إلى العنوان الطارئ فلا يبقى لهم القطع بالحكم بعد الالتفات المذكور ؛ لأنّ العنوان الطارئ
__________________
(١) المستمسك ١ / ٤٢٥