انكشف أنّ قطعه مخالف للواقع ؛ إذ عدم المعذوريّة إنّما يحكم به بعد زوال القطع ، فلا محذور فيه (١).
ولا يخفى عليك ما فيه ؛ فإنّ الحجّيّة والحكم بالتنجيز عقليّ لا جعليّ عقلائي. هذا ، مضافا إلى أنّ حكم الشرع بعدم حجّيّة قطع الوسواسي أو القطّاع أو من أخذ بالقياس لا يتوقّف على صورة كشف الخلاف ، بل يكفي عدم مطابقته مع الواقع في غالب الموارد لأن يحكم الشارع بعدم حجّيّته حتّى في مورد المطابقة تعبّدا ، نعم لا يعلم القاطع بأنّ قطعه غير معذّر إلّا بعد كشف الخلاف ، ولا محذور ، فتدبّر جيّدا.
وثالثا : إنّ عدم حجّيّة قطع القطّاع أو قطع من أخذ بالقياس أو قطع من أخذ بغير الكتاب والسنّة عند العقلاء أو الشرع لا يكون من شواهد عدم كون القطع علّة تامّة للتنجيز ؛ لأن الحجّيّة من مدركات العقل بوجود القطع ، وهذا الإدراك لا يتوقّف على شيء آخر غير وجود القطع. وعدم اعتبار القطع في هذه الموارد عند العقلاء أو الشرع لا يرجع إلى رفع التنجّز بنظر القاطع حتّى يقال إنّ التنجّز مرفوع ، بل التنجّز في نظر القاطع موجود كما في غير الموارد المذكورة لو اختلف العقلاء في المسائل ، كما إذا ادّعى بعض حصول القطع بشيء من ترتيب مقدّمات خاصّة في مقابل بعض آخر ادّعى القطع بالخلاف. ومن المعلوم أنّ ادّعاء المخالف لا يرفع التنجّز ، بل قطع كلّ واحد منهم يوجب التنجّز بحكم عقل القاطع ويكون حجّة عليه ، وهكذا في موارد القطع بالقياس والقطّاع ونحوهما. وعليه فدعوى رفع التنجّز في أمثالها كما ترى.
نعم ، يمكن أن يقال : إنّ الحكم بالتنجيز من القاطع لا يعتبر في الموارد الّتي يرى المولى كثرة خطأ القاطع ، فيجوز للمولى أن يقول للقاطع لا تعمل بقطعك كموارد قطع القطّاع أو قطع من أخذ بغير الكتاب والسنّة أو قطع من ابتلي بالقياس في
__________________
(١) المنتقى ٤ : ١١٨.