الأحكام فتحصّل أنّه لا يجوز النهي عن العمل بالقطع ما لم يطرأ عنوان أخر يسوّغ النهي عنه كالوسواس والقطّاع ونحوهما.
تنبيه فى حقيقة الحكم ومراتبه
ولا يخفى عليك أنّ القطع لا يوجب التنجّز إلّا إذا تعلّق بالتكليف الفعلي ؛ إذ الحكم الإنشائي الذي لم يأت زمان فعليّته لا يوجب القطع به التنجّز ، ولذا لا يستحقّ العقوبة بتركه ؛ إذ الحكم ما لم يبلغ مرتبة الفعليّة لم يكن حقيقة بأمر ولا نهي ولا مخالفته عن عمد بعصيان وإن كان ربما يوجب موافقته استحقاق الانقياد لا مثوبة الحكم الوجوبي أو الاستحبابي ؛ لأنّ المفروض عدم فعليّتهما.
ثمّ إنّ الحق في مراتب الحكم أنّها بين الإنشاء والفعليّة. وأمّا مرتبة الاقتضاء أو التنجيز الذين جعلهما المحقّق الخراساني من مراتب الأحكام ليستا من مراتبها ؛ إذ مرتبة الاقتضاء ليست إلّا الاستعداد وهو ليس بحكم ، ومرتبة التنجيز لا يوجب انقلاب الحكم عمّا هو عليه ، فلا وجه لأن يعدّ من مراتب الحكم كما لا يخفى
وتوضيح ذلك كما في نهاية الدراية : أنّ مراتب الحكم عند صاحب الكفاية أربع :
إحداها : مرتبة الاقتضاء وربما يعبّر عنها بمرتبة الشأنيّة ، وجعل هذه المرتبة من مراتب ثبوت الحكم لعلّه بملاحظة أنّ المقتضى له ثبوت في مرتبة ذات المقتضي ثبوتا مناسبا لمقام العلّة لا لدرجة المعلول ... إلى أن قال : والطبيعة (١) في مرتبة نفسها حيث إنّها ذات مصلحة مستعدّة باستعداد ماهويّ للوجوب ، وحيث إنّ المانع موجود ، فهو واجب شأنيّ وواجب اقتضائيّ. وليس هذا معنى ثبوت الحكم في هذه المرتبة ؛ إذ لا ثبوت بالذات للمصلحة حتّى يكون للحكم ثبوت بالعرض ، بل له شأنيّة
__________________
(١) كنظافة البيت