منافاة بين التّعليل والمفهوم من الآية ولا حاجة إلى حمل الجهالة على السّفاهة.
واجيب ثالثا : عن مانعية التعليل مع المفهوم بأنّ المفهوم حاكم على التعليل فإنّه يحكم في خبر العادل بأنّه محرز وكاشف عن الواقع وعلم في عالم التشريع فيخرج خبر العادل عن عموم التّعليل تعبّدا ولا يمكن أن يعارضه أصلا لكي يوجب عدم انعقاده.
اورد عليه بأنّ حكومة سائر الأدلّة على هذا التّعليل المشترك وجيهة وأمّا حكومة المفهوم المعلّل منطوقه بنحو يمنع عن اقتضاء المفهوم المثبت لحجّيّة خبر العادل حتّى يرتفع به الجهالة تنزيلا فهو دور واضح.
وذلك لأنّ حكومة المفهوم متفرّعة على عدم شمول التعليل للمفهوم والمفروض أنّ عدم شمول التّعليل متوقّف على حكومة المفهوم وهو دور هذا مع الفحص عمّا في دعوى دلالة أدلّة الاعتبار على أنّ خبر العادل علم تشريعا.
واجيب رابعا : عن مانعية التّعليل بأنّ خبر غير الفاسق الذي تدلّ الآية على حجّيّته حجّة ، وطريق عند العقلاء أيضا والعقلاء يعبّرون عن جميع الطرق المعتبرة عندهم بالعلم سواء في ذلك الظّواهر وخبر الثّقات وغيرهما ويرون مفهوم العلم عاما للقطع الذي لا يحتمل الخلاف ولموارد قيام الطرق المعتبرة وإذا اعتبروا شيئا طريقا يرون قيام هذا الطريق على شيء وصولا إلى الواقع لا بمعنى تنزيل شيء منزلة آخر بل بمعنى واقع الوصول كما في القطع حرفا بحرف.
وحينئذ فالآية المباركة إذا القيت إليهم فهموا منها بمقتضى الشّرطية المذيلة بالتّعليل المذكور أنّ النبأ إذا لم يأت به الفاسق بل غير الفاسق فهو طريق موصل إلى الواقع ليعمل به من دون حاجة إلى التبيّن ولا يتصوّر فيه إصابة القوم بجهالة للوصول إلى الواقع فهو خارج عن مورد التعليل ويكون المفهوم بلا معارض.
يمكن أن يقال إنّ قطعيّة أدلّة الاعتبار لا توجب كون المعتبر داخلا في العلم والقطع وإن اطلق عليه العلم بمعنى الحجّة إذ احتمال الخلاف ليس موهونا في جميع موارد الظّواهر أخبار الثّقات.